للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبَك يفي لي إنْ أتيتُه -أو خرجتُ إليه-؟ قلت: اشتَرِطْ ما شئت. قال: يُقْطِعُني الثَّنيَّة (١)، فإنها كانت منازلَنا، وعشرين قرية من قرى الغوطة، ويُحسنُ جوارنا (٢)، ويفرض لجماعتنا.

قال: فلما قدمتُ على معاوية؛ أخبرته، فكتبَ إليه يجيبه إلى ما سأل، فأدركَه الرسولُ قد مات.

قال ابن عساكر: الذي لطمَ جَبَلَةَ رجلٌ من جُهينة، فلطمه الجُهني (٣)، فجاء إلى عمر فقال: اقتُلْه. فقال: ليس هذا في ديننا. فخرجَ جَبَلَة إلى الشام، وخرج معه أربعون ألفًا من غسان إلى الروم، وكان عمر إذا رأى الجُهنيّ قال: هذا أشأمُ العرب على العرب.

وقال الشعبيّ (٤): إن معاوية بعث [ابن] بشر بن البراء بن معرور إلى ملك الروم، فقال له ملك الروم: هل لك في رجلٍ يُحبُّ أن يراك؟ قال: مَنْ هُو؟ قال: جَبَلَة بن الأيهم. [قال:] فأتيتُه، فإذا هو في قصر من رُخام .. وذكر بمعنى ما تقدم، ثم قال: إنْ زوَّجَني معاويةُ ابنتَه، وجعل الأمر إليَّ بعدَه، رجعتُ إلى الإسلام.

فلما قدمتُ على معاوية أخبرته، فقال: ارجع إليه وقل له: نعم. قال: [فرجعتُ] فإذا بجنازته يتبعها القِسِّيسون والرّهبان، فقلت: مَنْ هذا؟ فقالوا: جَبَلَة. فرجعتُ إلى معاويةَ، فأخبرتُه وقلتُ: أكنتَ تُجيبُه إلى ما سأل؟ فقال: لا ولا كرامة، وما عليَّ أنْ أستَنْقِذَه من الشِّرْك.

[قلتُ: ثم ذكر ابنُ عساكر في "تاريخه" وقال: الرسول الذي بعثه معاوية إلى ملك الروم ابنُ بشر بن البراء بن معرور الأنصاري الذي أكلَ أبوه بِشْرٌ مع رسول الله من الشاة المسمومة بخيبر ومات.


(١) في (م): البثنية، وفي (ب) و (خ): البئينة، والمثبت من "الأغاني" ١٥/ ١٦٩. قال في "معجم البلدان" ٢/ ٨٥: ثنيّة العُقاب، بالضم، ثنية مشرفة على غوطة دمشق يطؤها القاصد من دمشق إلى حمص.
(٢) في (ب) و (م): ويحسن جوارنا وجوائزنا، وفي "الأغاني" ١٥/ ١٦٩: ويحسن جوائزنا.
(٣) في "تاريخ دمشق" ١٩/ ٢٦٢ (مصورة دار البشير، ترجمة ابن بشر بن البراء بن معرور): وقع بينه (أي جَبَلَة) وبيت رجل من جُهينة كلام، فلطم الجُهنيَّ، فلطمه الجُهنيُّ …
(٤) هو تتمة الخبر السابق في "تاريخ دمشق" ١٩/ ٢٦٢.