للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضبط أهلَ العراق] بأهلِ العراق، والحجاجُ قَدِمَها فكسرَ خَراجَها، وأفسدَ قلوبَ أهلِها، وأباد فُضلاءها، وإنَّما ضبط العراقَ بأهل الشام، ولو رامَ الحجَّاجُ منهم ما رام زياد؛ لم يَفْجأكَ إلا وهو على قَعُودٍ يرجف به (١).

وعرض زيادٌ لرجل من الشيعة، فكتبَ إليه الحسنُ بنُ علي : من الحَسَنِ بنِ علي إلى زياد، أمَّا بعد؛ فارفَع يدَك عن فلان. فغضب زياد حيث لم ينسبه إلى أبي سفيان، وكونِه قَدَّمَ اسمَه على اسم زياد، فكتب إليه: من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن، أمَّا بعد، فإنك كتبتَ إليَّ في فاسق (٢)، وايمُ الله، لأطلُبَنَّه [ولو] بين جلدك ولحمك، وإنَّ أحبَّ لحمٍ إليَّ آكُلُهُ لحمٌ أنتَ منه.

فقال الحسن : لعن الله ابنَ سُمَيَّة. وبعث بكتابه إلى معاوية وقال له: أنت جرّأتَ ابنَ سُمَيَّة الدّعيّ على الناس.

فكتب معاوية إلى زياد: أما بعد، فإنَّ لك رأيين: أحدُهما من أبي سفيان، والثاني من سُمَيَّة، فالذي من أبي سفيان حَزْمٌ وحِلْم وعزم، والذي من سُميَّة فكما (٣) يكون رأي مثلها، تكتبُ إلى الحسن مثلَ هذا الكتاب ولا تَنْسِبُه لا إلى أبيه ولا إلى أمِّه! لا أمَّ لك، أمَّا هو ابنُ فاطمةَ بنتِ رسول الله ؟! قد حَجَزْناك عن أشياعه، لا سبيل لك عليهم بعد اليوم، والسلام (٤).

وسأل مُرَّةُ (٥) -صاحبُ نهر مُرَّة- عبدَ الرحمن بنَ أبي بكر الصِّدِّيق أن يكتبَ له كتابًا إلى زياد، فكتبَ له: من عبد الرحمن بن أبي بكر إلى زياد. ولم يَنْسُبْه إلى أبي سفيان، فقال له مُرَّةُ: إنْ ذهبتُ إليه [بهذا الكتاب] ضربَ عنقي.


(١) في (ب): يزحف به. وفي "العقد الفريد" ٥/ ٨: يوجف به، وما سلف بين حاصرتين منه.
(٢) بعدها في (ب): ولا توبة لفاسق، وفي "العقد الفريد" ٥/ ١١: لا يأويه إلا الفساق.
(٣) كذا في "العقد الفريد" ٥/ ١١. وفي "تاريخ دمشق" ٦/ ٥٠٣: فما.
(٤) الخبر بنحوه في "أنساب الأشراف"٢/ ٣٩٤ - ٣٩٥، و"العقد الفريد" ٥/ ١١، و"تاريخ دمشق" ٦/ ٥٠٢ - ٥٠٣ (ترجمة زياد).
(٥) هو مرَّة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر . ذكره ياقوت في "معجم البلدان" ٥/ ٣٢٣ وذكر الخبر، وهو في "طبقات" ابن سعد ٩/ ٩٩، و"تاريخ دمشق" ٦/ ٤٩٠، (مصورة دار البشير، ترجمة زياد).