للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأتَى عائشةَ ، فكتَبَتْ له: من عائشةَ أمِّ المؤمنين إلى زياد بن أبي سفيان، فقال: اِقْرَاهُ على الناس. فقرأه، وقَضَى حوائجَه ووصلَه (١).

وقال [العتبي عن] عجلان حاجبِ (٢) زياد: حصلَ لي في يوم واحد من زياد عشرون ألف دينار (٣) وألف سيف. [قيل: كيف ذلك؟]، قال: أعطى زيادٌ ألفَ رجل؛ كلَّ واحد مئتي دينار وسيفًا، فأعطاني كلُّ واحد منهم عشرةَ دنانير، وسيفَه.

وقال زياد: ما هُجِيتُ (٤) بشعر أشدَّ عليَّ من قول القائل:

فكِّرْ ففي ناك إنْ فكَّرتَ مُعتَبرٌ … هلْ نِلْتَ مَكْرُمةً إلا بتأمِيرِ

عاشَتْ سُمَيَّةُ ما عاشَتْ وما عَلِمَتْ … أنَّ ابنَها من قريش في الجماهير (٥)

أضْحَى زيادٌ مَلِيكًا بعد مهنتِهِ … لا يدفعُ الخلقُ محتومَ المقاديرِ (٦)

وكتب زيادٌ إلى معاوية: إنَّ عبد الله بن عباس (٧) يُفسدُ عليَّ الناسَ، فإنْ أَذِنْتَ في تَوَعَّدتُه. فكتبَ إليه معاوية: إنَّ أبا الفضل وأبا سفيان كانا في الجاهلية في مِسْلاخ (٨) واحد، وذلك حِلْف لا يُفسدُه سوءُ رأيك.

وكان زياد لا يُداعب أحدًا في مجلسه ولا يضحك، فاختصم إليه بنو راسب وبنو الطّفاوة في غلام، وأقام كلُّ واحد بيِّنة، فتوقَّف زياد في الحكم بينهم، فقال له حارثة بن بدر الغُدَاني: أَلْقِهِ في دِجْلة، فإنْ رسبَ، فهو لبني راسب، وإنْ طَفا فهو لبني


(١) من قوله: وسأل عبد الملك بن مروان ص ٢٩٥ إلى هذا الوضع، لم يرد في (م).
(٢) تحرفت في الأصل (خ) إلى: صاحب. وما سلف بين حاصرتين من (م).
(٣) في (خ): ألف دينار. دون لفظة "عشرون". والمثبت من (ب) و (م). ويلاحظ أن الأرقام في هذه النسخ غير متوافقة. والخبر في "العقد الفريد" ٥/ ١٣ بأرقام أخرى لكنها متوافقة، وفيه: صار في في يوم واحد مئة ألف دينار … وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٢٤٣ وما سيرد بين حاصرتين من (م).
(٤) في (خ): ما عجبت، والمثبت من (ب). وهذا الخبر ليس في (م).
(٥) في النسختين (ب) و (ح) (والكلام ليس في م): في قريش من الجماهير، والمثبت من "العقد الفريد" ٥/ ٥.
(٦) رواية البيت في "العقد الفريد" ٥/ ٦:
سبحان مَنْ مُلْكُ عبّاد بقدرته … لا يدفع الناسُ أسبابَ المقادير
(٧) في النسختين (ب) و (خ): سفيان، وهو خطأ، وجاء فوقها في (ب): كذا.
(٨) في النسختين (ب) و (خ): سلاح، وهو تحريف، والمثبت من "العقد الفريد" ٥/ ١١. والمِسْلاخ: الإهاب.