للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال [البلاذُري عن] عجلان حاجب (١) زياد: دخل زياد يومًا من صلاة الظهر، وفي المجلس هرَّة تُراصِدُ شيئًا، فأردتُ طَرْدَها، فنهاني. ثم خرج، فصلَّى العصر وعاد وهي على حالها، فجعلَ يُلاحظها، فلما كادت الشمسُ أن تغربَ؛ خرج جُرَذٌ، فوثبت عليه، فأخَذَتْه، فقال زياد: مَنْ طلبَ حاجة فلْيصبر صبرَ هذه الهِرَّة، فإنه يظفر بحاجته (٢).

وكان الجَمُوح بنُ عمرو الفَهْميّ قد شهد صِفين مع أمير المؤمنين رضوان الله عليه، وكان حليفًا لأبي سفيان، فلما انقضت صِفِّين أمَّنَه معاوية، وكتب إلى زياد ينهاه عنه، فقال له زياد: تولَّ بيتَ المال. فامتنَعَ، فقال له: أَتَابَى عَلَيَّ وقد سفكتَ الدَّماء مع عليّ بن أبي طالب؟ فقال له: [يا] زياد، إليَّ تقولُ هذا؟ فواللهِ لقد كنتَ منتفيًا من الأبِ الذي انتسبتَ إليه، و [منسوبًا إلى الأب الذي] انتفيتَ منه، وأنت تسفكُ الدِّماء معه، تَجْبي الخَراج [إليه]، وأنت يومئذ خيرٌ منك اليوم. فضربه زياد مئة سَوْط، وحَلَقَ رأسَه ولحيتَه.

وبلغ معاويةَ، فكتبَ إليه: واللهِ يا ابْنَ سُميَّة، لقد هممتُ أن أبعثَ إليك مَنْ يفعلُ بك مثلَ ما فعلتَ به.

فأطلقَه، ثم قدمَ على معاوية، فاعتذرَ إليه، ووصله وأعطاه مِخْصَرَة (٣).

وكتب [زياد] إلى معاوية: أشكو إلى الله ما ألقاه من سفهاء قريش. فكتبَ إليه معاوية: أصبر، فإنَّ حُلَماءها صبروا عليك حتى وضعوك بالموضع الذي أنتَ به اليوم (٤).

وكان زياد يقول: ليس العاقل الذي يحتال للأمر إذا وقع فيه، وإنما العاقل من يحتالُ للأمر قبل أن يقع فيه (٥).


(١) تحرفت في (خ) إلى: صاحب.
(٢) أنساب الأشراف ٤/ ٢٦٥.
(٣) الخبر بنحوه أطول منه في "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٠٤ - ٣٠٥. وما سلف بين حاصرتين منه. ولم يرد هذا الخبر في (م).
(٤) "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٠٥. وما بين حاصرتين منه.
(٥) "العقد الفريد" ٢/ ٢٤٢، وتاريخ دمشق ٦/ ٤٩٨ (مصورة دار البشير، ترجمة زياد).