للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال المدائني (١): جمع معاويةُ الناسَ للبيعة لابنه يزيد، فلم يدرِ ما يقول، فقام رجل من عُذْرَة، يقال له: يزيد بن الفُجيع (٢) وفي عنقه سيف، فاخترطَ منه شبرًا، وقال: أميرُ المؤمنين هذا. وأشار إلى معاوية. فإن فُقد فهذا. [وأشار إلى يزيد -وكان إلى جانب أبيه- فمن أبي فهذا]. وأشار إلى سيفه. فقال له معاوية: أنت أخطبُ العرب، وأمر له بمال.

قال الهيثم [بن عدي]: ولما بلغ الخبرُ إلى المدينة بذلك اجتمعتِ الشيعة إلى الحسين بن علي ، وعظَّموا ما فعل معاوية وقالوا: وَلَّى على الناس من يشربُ الخمر، ويلعب بالقرود والمعازف وغيرها! فقال الحسين : الصبرَ الصبر.

وكتب مروان إلى معاوية بما جَرَى، فكتب إلى الحسين : أمَّا بعد، فقد انتهت إليَّ أمور أرغبُ بك عنها (٣)، فإنْ كانت حقًّا لم أُقارِّك عليها، ولَعَمري إنَّ من أعطَى صَفقَة يمينه وعَهْدَ اللهِ وميثاقَه لَحَرِيٌّ (٤) بالوفاء، وإنْ كانت باطلًا فأنتَ أسعدُ الناس بمجانبتها، إنك متى تُنْكِرْني أُنْكرك، ومتى تَكِدْني أَكِدْك، وأخوك كان أشرفَ منك، فاتَّقِ الله، "ولا يستَخِفَّنَّك الذين لا يوقنون" لا تحمِلْني يا حسين على القَطِيعة، ولا تردَّ الأمةَ في الفتنة. والسلام (٥).

قال أبو اليقظان: فكتَبَ إليه الحسين : أمَّا بعد، فقد وصلَني كتابُك تذكرُ فيه كيتَ وكيت. فأمَّا ما نُمِيَ إليك؛ فإثما أنماه المَلَّاقون المشَّاؤون بالنمائم، المفرِّقون بين الجمع، وإني لا أُريد خلافًا عليك. وايمُ الله، إني لقد تركتُ ذلك، وإني أخافُ الله في تركه، وما أظنُّ الله راضيًا عني بترك محاكمتي إياك إليه، ولا عاذري فيك وفي أوليائِك الجائرين القاسطين أولياءِ الشياطين، أَلَسْتَ قاتلَ حُجْر بنِ عَدِيّ وأصحابِه


(١) في (م): الواقدي.
(٢) في "العقد الفريد" ٤/ ٣٧٠: يزيد بن المقفَّع، وفي "عيون الأخبار" ٢/ ٢١٠: يزيد بن المقنَّع.
(٣) في (خ) (والكلام منها وحدها): أُنهيت إليَّ … بها عنك، والمثبت من "أنساب الأشراف" ٤/ ١٣٧.
(٤) تحرفت في (خ) إلى: يجري. وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ١٣٧.
(٥) بنحوه في "أنساب الأشراف" ٤/ ١٣٧. وقوله: ولا يَسْتَخِفَّنَّك … من الآية (٦٠) من سورة الروم.