للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال الزُّبير: خرج في تجارة، فرآها، فوقعت بقلبه. فلما رجع قال:

تَذَكَّرْتُ ليلى والسماوةُ دونَها … فما لابنةِ الجُودِيِّ ليلى وما لِيا

فبعث عمر جيشًا وقال: إنْ أصبتُم ابنةَ الجُودِيّ فادْفَعُوها إلى عبد الرحمن.

فأصابُوها فدفعوها إليه، وكان المسلمون قد وهبوا له سهامَهم، فحَظِيَتْ عنده، وآثَرَها على نسائه حتى شكونه إلى عائشة رضوان الله عليها، فعاتبَتْه على ذلك، فقال: واللهِ كأنِّي أَرْشُف بأنيابها حَبّ الرُّمَّان. فأصابها وجعٌ في فيها حتى سقط، فجفاها (١)، فشكَتْه إلى عائشة ، فقالت له: قد أفْرَطْتَ في حُبِّ ليلى، وأفْرَطْتَ في بُغْضها، فإمَّا أن تُنْصِفَها، أو تُجهِّزَها إلى أهلها، فجهَّزَها إلى أهلها إلى الشام. ويقال: إنَّها ماتت عنده (٢).

[وقال الزبير:] وشهد عبدُ الرحمن مع أخته عائشة يوم الجمل، وشهده أخوه محمد مع علي ، وامتنع عبد الرحمن من البيعة ليزيد، فبعث إليه معاويةُ بمئة ألف درهم، فَرَدَّها وقال: واللهِ لا بعتُ ديني بدنياي. وخرج إلى مكة، ثم نزل ظاهرَها حتى مات. ولم يبايع يزيدَ (٣).

وقدم مصر في سنة ثمان وثلاثين؛ أرسلته عائشة رضوان الله عليها إلى عمرو بن العاص ليشفع في أخيها محمد، فقال عمرو: لا أُغني عنكَ شيئًا، إن معاوية قد جعلَ الأمر لهذا الكنديِّ -يعني معاويةَ بنَ حُدَيج- ولم يجعله إليّ (٤).

وحضر عبدُ الرحمن مع خالد بن الوليد يومَ اليمامة، ورمى مُحَكَّمَ اليمامة بسهم، فذَبَحَه، وكان مُحَكَّم [اليمامة] قد سَدَّ ثُلْمةً من الحصن، فلما قُتل دخلَ المسلمون، وقَتَلَ ذلك اليوم سبعةً من كبارهم (٥).


(١) في (ب) و (خ): فجاها. والمثبت من (م) ولفظ العبارة في "تاريخ دمشق" ٤١/ ٣٢ (طبعة مجمع دمشق): فأصابها وجع سقط له فُوها، فجفاها. .
(٢) ينظر "تاريخ دمشق" ٤١/ ٣١ - ٣٢ (طبعة مجمع دمشق).
(٣) بنحوه في المصدر السابق ٤١/ ٣٤، وينظر أيضًا "التبيين في أنساب القرشيين" ص ٣١٢.
(٤) ينظر "تاريخ دمشق" ٤١/ ٢٨ - ٢٩.
(٥) الاستيعاب ص ٤٤٦، وتاريخ دمشق ٤١/ ٣١، والتبيين في أنساب القرشيين ص ٣١١، وما سلف في الخبر بين حاصرتين منه.