للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَرِيرَة

قال أيمن: دخلتُ على عائشة فقلتُ لها: يا أمِّ المؤمنين، إني كنتُ لِعتبة بن أبي لهب، وإن بنيه وامرأتَه باعوني واشترطوا هم وأمُّهم الولاء، فَمَوْلَى مَنْ أنا؟ فقالت: يا بنيّ، دخلَتْ عليَّ بَرِيرَة وهي مُكاتبَةٌ، فقالت: اشتريني. فقلت: نعم. فقالت: إن أهلي لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي (١). فقلتُ: لا حاجة لي فيك. فسمع ذلك رسولُ الله -أو بلغه- فقال: "ما بالُ بَرِيرة؟ " فأخبرته، فقال: "اشتريها فأعتقيها، وَدَعِيهِم يشترطون ما شاؤوا". فاشتريتُها فأعتقتُها، وقال رسول الله : "الوَلاء لمن أعتق، ولو اشترطوا مئة مرة" (٢).

وبَرِيرة هي التي تُصُدِّقَ عليها بلحم، فدخل رسول الله على عائشة، فأخبرته، فقال: "هو عليها صدقة، ولنا هديَّة". فأكلَ منه (٣)، [وقد ذكرناه في السيرة].

[وبَرِيرة هي التي طلَّقها زوجها، واختلَفت الفقهاء بسببها.

وكان لعائشة أخ من أمِّها، يقال له: الطُّفيل بن سخبرة، له صحبة، وروى عن عائشة الحديث].

قال هشام بن عروة: بلغ عائشةَ أن أقوامًا يتناولون من أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما، فأرسلت إلى أزْفِلَةٍ منهم (٤)، فلما حضروا سَدَلَتْ أستارها، ثم دَنَتْ، فحمدت الله، وصَلَّتْ على رسوله ، ثم قالت: أبي وما أَبِيَهْ؟ [أبي] واللهِ لا تَعْطُوهُ الأَيدي (٥)، ذاك طَوْدٌ مُنِيف (٦) وفَرْعٌ مَدِيد، هيهات! كذبتِ الظُّنون، أَنْجَحَ إذْ أكْدَيتُم (٧)، وسَبَقَ إذْ وَنَيتُم (٨) "سَبْقَ الجوادِ إذا اسْتَوْلَى على الأَمَدِ" (٩). فتى قريشٍ


(١) في (ب) و (خ): لمولاي. والمثبت من المصادر.
(٢) طبقات ابن سعد ١٠/ ٢٤٤، وهو بنحوه في "صحيح" البخاري (٢٥٦٥)، و"صحيح" مسلم (١٥٠٤).
(٣) أخرجه البخاري (١٤٩٣) و (١٤٩٥)، ومسلم (١٠٧٥) و (١٠٧٤) من حديث عائشة وأنس على الترتيب.
(٤) أي: جماعة منهم.
(٥) تعطوه: تتناولُه.
(٦) الطَّوْد: الجبل، والمُنيف: المشرف.
(٧) أنجح: صار ذا نُجْح، وأكْدَيتُم: خِبْتُم ويُئسَ من خيركم.
(٨) ونَيْتُم، أي: فَتَرْتمُ.
(٩) الأَمَد: الغاية. وهذا القولُ عَجُزُ بيت للنابغة الذبياني في قصيدة يعتذر فيها إلى النعمان، وقال فيها: =