للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها ولَّى معاويةُ عبد الرحمن بنَ زياد [خُراسان.

قال علماء السير (١): قدم عبد الرحمن بن زياد، على معاوية وافدًا، فقال له: يا أمير المؤمنين، أَما لنا حقٌّ؟ قال: بلى، فماذا تريد؟ قال: الولاية. قال: ما الذي أصنعُ بك؟ أخوك عُبيد الله (٢) على البصرة وسجستان، والنُّعمانُ بنُ بشير على الكوفة، وله مع رسول الله صحبة، فإنْ شئتَ أشركتُك مع أخيك عُبيد الله، فإنَّ عملَه يَسَعُك؟ قال: ذاك إليك. فولَّاه خُراسان.

فأقامَ عليها حتى مات معاوية ووَليَ يزيد، فقدمَ عليه عبدُ الرحمن بمال عظيم، وذلك بعد قتل الحسين .

ولما ولَّاه معاويةُ خُراسان؛ بعثَ قيس بنَ الهيثم السُّلميَّ، فأخذ أسلم بن زوعة [فحبسه، ثم قدم عبد الرحمن، فأغرم أسلم بن زُرْعة] ثلاث مئة ألف درهم.

وكان عبد الرحمن حريصًا ضعيفًا، فأقامَ بِخُراسان سنتين لم يغزُ غزوةً واحدة (٣).

وفيها قدم عُبيد الله بنُ زياد على معاوية ومعه أعيانُ أهل البصرة والعراق، فدخل عليه عُبيدُ الله فقال له [معاوية (٤):] ائذنْ لوفدك على قدر منازلهم وشرفهم. فأذن لهم، فدخل الأَحْنَف بنُ قيس في آخرهم، وكان سيِّئَ المنزلةِ عند عُبيد الله بن زياد، فلما رآه معاويةُ رحَّبَ به، وأدناه حتى أجلسه معه على سريره.

ثم قال معاوية للقوم: تكلَّموا. فتكلَّموا، وأَثْنَوْا على ابن زياد والأحنفُ ساكتٌ، فقال له معاوية: ما لَكَ يا أبا بحر لا تتكلَّم؟ فقال: إن تكلَّمتُ خالفتُ القوم. فقال: قوموا، فقد عزلتُه عنكم، واطلبوا واليًا ترضَوْنَه.

فلم يبق أحدٌ من القوم إلا أتى رجلًا من بني أمية وأشراف (٥) الشام يطلبون الولايةَ، وقعدَ الأحنفُ في بيته لم يأت أحدًا، فأقاموا أيامًا، ثم أحضرهم معاوية، فقال لهم:


(١) المصدر السابق، وما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في (ب) و (خ): عبد الله (وكذا في كل المواضع الآتية) وهو خطأ.
(٣) تاريخ الطبري ٥/ ٣١٥ - ٣١٦ وما سلف بين حاصرتين من (ب).
(٤) لفظة "معاوية" بين حاصرتين من عندي للإيضاح.
(٥) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٣١٧: أو من أشراف.