للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه (١).

فلما رآه لا يُصغي إلى نصحه ولا يلتفتُ إلى قوله؛ خرج من عنده وهو يقول: واحسيناه.

وكتب إليه عبد الله بن جعفر يقول: أَنْشُدُكَ اللهَ أن لا تُفارق مكة حتى أصل إليك، فإن هلكتَ طَفِئَ نورُ الإسلام، واستُؤْصل أهلُ بيتك، وأنتَ عَلَمُ الهدى، ورجاء المؤمنين، لا تعجل فأنا قادم (٢).

وبعث بالكتاب مع ابنيه عون ومحمد. فوقف على الكتاب ولم يُجب عنه.

وبعثَ الحسين إلى المدينة، فقدم عليه من خفَّ معه من بني عبد المطلب، وهم تسعة عشر رجلًا، ونساءٌ وصبيانٌ من بناته وأخواته، وتبعهم محمد بن الحنفية، فادرك حسينًا بمكة، ونهاه فلم يقبل، فحبس محمدٌ ولدَه عنه، ولم يبعَثْ معه أحدًا منهم، فغضب الحسين وقال: ترغبُ بولدك عن موضع أُصابُ فيه؟ فقال محمد: وما حاجتي تصابُ ويصابون معك؟ وإن كانت مصيبتُك أعظمَ عندنا منهم، واللهِ إني لَأُحبُّ لك ولهم العافية (٣).

وبعث أهل العراق إلى الحسين الكُتب والرسل يستحثُّونه، فخرج مسرعًا إلى العراق في أهل بيته وستين شيخًا من أهل الكوفة، وذلك يوم الاثنين في عشر ذي الحجة [سنة ستين].

وكتب مروان إلى عُبيد الله بن زياد: أمَّا بعد، فإن الحسين قد توجَّه إليك، وهو ابنُ فاطمة بنتِ رسولِ الله ، وواللهِ ما أحدٌ يسلِّمُه اللهُ أحبَّ إلينا من الحسين، فإيَّاك أن تُهيِّج على نفسك ما لا يسدُّه شيءٌ ولا تنساه العامَّة ولا تدع ذكره، والسلام.


(١) بنحوه في "تاريخ" الطبري ٥/ ٣٨٣ - ٣٨٤. وسلف نحوُه قريبًا من "طبقات" ابن سعد. وقد جمع المصنف هنا الروايات من المصادر. وينظر أيضًا "مروج الذهب" ٥/ ١٢٩ - ١٣١.
(٢) الخبر بنحوه في "تاريخ" الطبري ٥/ ٣٨٧ - ٣٨٨.
(٣) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٢٨ - ٤٢٩، والبداية والنهاية ١١/ ٥٠٧، ومختصر تاريخ دمشق ٧/ ١٤٣ دون قوله: والله إني لأحبُّ لك ولهم العافية.