للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرَّبتِ إليَّ طعامًا: بسم الله خيرِ الأسماء الذي لا يضرُّ مع اسمه داء، ربِّ الأرض والسماء. وأعتقها (١).

وقد ذكره القاضي أبو بكر محمد بنُ الطَّيِّب في كتاب "الإمامة"، وأثنى عليه؛ قال (٢): دخل أبو مسلم على معاوية في جماعة من أماثل أهل الشام، فقال له أبو مسلم: يا معاوية، نراك قد استَعْدَدْتَ لمحاربة عليِّ بنِ أبي طالب، وألزَمْتَه دمَ عثمان، وقد بلَغَنا أنه بريءٌ من دمه، وله من السابقة والقِدم والقَرابة من رسول الله ما لا يُنكره أحد. فقال [له] معاوية: ألستُم تعلمون أنَّ عثمان قُتل مظلومًا؟ قالوا: بلى. قال: فليدفَعْ إلينا قَتَلَةَ عثمان نقتُلْهم به، وهو الإمام، ولا محاربة بيننا وبينه (٣). فقال له أبو مسلم: أنصفت، ائذن لنا أن نأتيَه. فقال: قد أذنتُ.

فخرج أبو مسلم في جماعة فيهم أبو هريرة، فأَتَوْا عليًّا رضوان الله عليه، فأدركوه بالرَّحْبة، فذكروا له ما قال معاوية، فأذن للناس فدخلوا عليه، فقال: من قتلَ منكم عثمان؟ فقالوا كلُّهم: نحن قتلناه، أو فقالوا: كلُّنا قتلناه.

فرجع أبو مسلم، فدخل على معاوية، فأخبره بما قالوا، ثم التفتَ أبو مسلم إلى أهل الشام، فقال: انصروا خليفتَكم المظلوم، وأنا أوَّلُكم في سرَعان الناس (٤).

وقال هشام بن الغاز (٥): قام أبو مسلم إلى معاوية وهو على المنبر، فناداه: يا معاوية، إنما أنت قبرٌ من القبور، أتحسبُ أن الخلافة جمعُ المال وتفريقُه؟! كلا، إنما هي قول بالحقّ وعمل بالعدل، يا معاوية، إنَّا لا نُبالي إذا تكدَّرت الأنهار وصفا لنا رأسُ العين. فقال معاوية: صدقتَ يا أبا مسلم، يرحمُك الله.


(١) المصدر السابق.
(٢) في (ب) و (خ): وقال أبو بكر بن محمد (كذا، وهو خطأ) الطَّيِّب، بدل قوله أعلاه: وقد ذكره القاضي … إلخ وهو من (م). والقاضي ابنُ الطيِّب هو ابنُ الباقِلَّاني، ذكر له القاضي عياض كتاب "الإمامة" في "ترتيب المدارك" ٤/ ٦٠١.
(٣) في (م): ولا بيننا وبينه معاداة.
(٤) سَرَعان الناس أي: أوائلهم المستَبِقون إلى الأمر.
(٥) الخبر في "حلية الأولياء" ٢/ ١٢٦، و"تاريخ دمشق" ص ٥١٥ من طريق هشام بن الغاز، عن يونس الهرم، أن أبا مسلم … ونُسب الخبر في (م) لابن عساكر.