للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل عليه يومًا فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس: الأمير يا أبا مسلم (١)! فقال معاوية: دَعُوا أبا مسلم، فإنّه أعلم بما يقول. فقال أبو مسلم: إنما مَثَلُك مَثَلُ رجلٍ استأجر أجيرًا، فولَّاه ماشيته، وجعلَ له الأجر على أن يُحْسِنَ الرِّعْيَة (٢). فإنْ هوَ أحسن إليها (٣) حتى تلحقَ الصغيرة، وتسمنَ العجفاء؛ أعطاه أجرَه وزاده، وإنْ هو أضاعَها غضبَ عليه وعاقَبَه، ولم يُعْطه أجرَه. فقال معاوية: ما شاء الله!

وحبس معاوية العطاء عن الناس شهرين، فقام إليه أبو مسلم وهو على المنبر، فقال: يا معاوية، إن هذا المال ليس من كَدِّك ولا كَدِّ أبيك، وإنما هو مالُ الله. فقال معاوية: صدقت. اغدوا على عطائكم (٤).

ذكر وفاته:

مات في سنة ستين في أيام يزيد بن معاوية (٥).

وقيل: في أيام معاوية (٦).

وقيل: سنة اثنتين وستين (٧). [والأول أصح].

وقيل: سنة أربع وأربعين. وهو وهم.

ومات بدمشق بداريا، ودُفنَ بها، وقبرُه يزار.

وقيل: مات بأرض الروم في غَزاة مع بُسْر بنِ أبي أَرْطاة، وأوصى أن يُدفن في قبور الشهداء.


(١) جاءت العبارة في (ب) و (خ) بلفظ: السلام عليك أيها الأمير فقال أبو مسلم: أيها الأمير. والتصويب من "تاريخ دمشق" ص ٥١٦. ولم يرد هذا الخبر في (م).
(٢) في (ب) س (خ): إلى الرعية، والمثبت من "حلية الأولياء" ٢/ ١٢٥. و"تاريخ دمشق" ص ٥١٦.
(٣) في المصدرين السابقين: أحسن رِعْيَتَها.
(٤) في (خ): أعطياتكم، وفي (م): غدًا أزيد على عطائكم. والخبر في "حلية الأولياء" ٢/ ١٣٠ بأطول منه، وفيه عطاياكم. وقد نُسب في (م) لأبي نُعيم.
(٥) نسب هذا القول في (م) لابن سعد، وهو في "طبقاته" ٩/ ٤٥١ دون ذكر سنة وفاته.
(٦) التاريخ الصغير ص ١٢٩، (وينظر فيه ص ١٣٦). ونسب هذا القول في (م) للبخاري.
(٧) تاريخ دمشق ص ٥٢٥. قال ابن عساكر: هذا وهم، بل مات قبل ذلك.