للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال المسعودي (١): لقد بلغ من طاعة أهل الشام لمعاويةَ أنَّه صلَّى بهم عند مسيره إلى صفِّين الجمعةَ يومَ الأربعاء.

وقيل: إنه قال لهم يوم الجمعة: اليوم لنا عذر. وصلَّى بهم يوم السبت.

[وحكى الأصمعي قال:] خاطَرَ (٢) رجل رجلًا على أن يقوم إلى معاوية فيضع يده على كَفَلِه (٣) إذا سجد ويقول: ما أشبهَ عجيزتَك بعجيزة [أمِّك] هند. ففعل الرجل ذلك، فقال له معاوية: يا ابن أخي، إن أبا سفيان كان يعجبُه ذلك منها، فإنْ كنتَ قد خاطرتَ؛ فخُذْ ما خاطرتَ عليه.

ثم نزل ذلك الرجل ومعه الرجل الآخر إلى العراق، فتخاطَرا على أن يقومَ إلى زياد وهو في الخطبة، فيقول له: مَنْ أمُّك (٤)؛ فقام إليه وسألَه، فقال له زياد: هذا يخبرُك. وأشارَ إلى صاحب شرطته. فأخذه وضرب عنقَه. وبلغ معاويةَ، فقال: أنا قتلتُه، لو أدَّبْتُه في الأولى ما عاد إلى الثانية.

وأُتيَ معاويةُ بسارق، فأمرَ بقطع يده، فقال السارق:

يَدِي يا أميرَ المؤمنين أُعِيذُها … بعفوك أن تُلْقَى مكانا يَشِينُها

ولا خيرَ في الدنيا ولا في نعيمها … إذا ما شِمالٌ فارقَتْها يمينُها

وجاءت أمُّه تبكي وتقول: واحدي وكاسبي، اعْفُ عنه [يا أمير المؤمنين] عفا الله عنك. فقال: حدٌّ من حدود الله، كيف أتركُه؟! فقالت: أَمَا لك ذنوبٌ تستغفرُ الله منها؟! قال: بلى. قالت: فاجْعَلْ هذا معها. فأطلقَه (٥).


(١) المصدر السابق ٥/ ٨٠.
(٢) أي: راهن. والخبر في "العقد الفريد" ١/ ٥٣. وما سلف بين حاصرتين من (م).
(٣) أي: عَجُزِه.
(٤) في "العقد الفريد" ١/ ٥٤: مَنْ أبوك؟
(٥) أنساب الأشراف ٤/ ١٤١ - ١٤٢. والخبر في "العقد الفريد" ٢/ ١٦٧ وفيه: عبد الملك بن مروان، بدل: معاوية.