للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فثارَ إليه أصحابُه وقالوا: أيها الرجلُ، أظْهِرْ بيعتَك، فلم يبق أحد -إذ هلك حسين (١) - يُنازعك في هذا الأمر. وقد كان بُويع سرًّا، وأَظهر أنه عائذٌ بالبيت، فقال لهم: لا تَعْجَلُوا. وعَمرو بنُ سعيد يومئذ عاملُ مكَّة.

وعَلا أمرُ ابنِ الزُّبير، وكاتبَه أهلُ المدينة والحجاز واليمن وتهامة.

ولما قال ابنُ الزبير هذه المقالةَ؛ قيل ليزيد: لو شاء عَمرو بنُ سعيد لأَخذَ ابنَ الزبير قهرًا، وبعث به إليك (٢).

فعزل يزيد عَمرًا لهلال ذي الحجة عن الحجاز، وولَّى الوليدَ بنَ عُتْبة بن أبي سفيان مكانَه، فأقامَ الحجَّ سنة إحدى وستين، وأعاد أبا ربيعة (٣) العامريّ إلى قضائه.

ولما رأى عَمرو بنُ سعيد بن العاص أنَّ الناس قد اشْرَأَبُّوا إلى ابن الزُّبير، ومَدُّوا إليه أعناقَهم؛ ظنَّ أن تلك الأمورَ تتمُّ، فأرسلَ إلى عبد الله بن عَمرو بن العاص -وكان عالمًا قد قرأ كتبَ دانيال وغيرها- فقال له: أخْبِرْني عن هذا الرجل، أَيتِمُّ له ما يطلب؟ وأخْبِرْني عن صاحبي -يعني يزيد- ماذا يؤول أمرُه؟ فأرسل إليه عبدُ الله: ما أرى صاحبَك إلا أحدَ الملوك الذين تتمُّ لهم أمورهم إلى أن يموت على حاله، كما مات الملوك قبلَه.

فكان يرفُقُ بابنِ الزُّبير وأصحابِه؛ مع إظهار الشدةِ عليهم. وبلغَ يزيدَ رِفْقُهُ بهم، فعزَله (٤).

وقيل: إنما حجَّ بالناس في هذه السنة عَمرو بنُ سعيد؛ لأن الوليد بن عُتبة لم يُدرك الموسم.

وكان العاملَ على البصرة والكوفة عُبيد الله بنُ زياد، وعلى قضاء الكوفة شُرَيح، وعلى قضاء البصرة هشام بنُ هُبَيرة، وعلى خُراسان وسِجِسْتان سَلْمُ بنُ زياد (٥).


(١) تحرَّفت لفظة "حسين" في (ب) إلى "حتى"، ووقع بدلها في (خ): إلا. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٥/ ٤٧٥. وهو بنحوه في "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٣٨.
(٢) القائلون هذا ليزيد هم: الوليد بن عُتبة، وناسٌ من بني أمية كما في "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٧٧.
(٣) في "تاريخ الطبري": ابن ربيعة.
(٤) تاريخ الطبري ٥/ ٤٧٧.
(٥) المصدر السابق. دون قوله: سجستان.