للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرسلت أمُّ محمد إلى امرأة صاحب الصُّغْد تستعيرُ منها حُلِيًّا، فبعثت لها بتاجها (١)، وقفل سَلْم، ولم ترُدَّهُ إليها.

وفيها قدم عبدُ الرحمن بنُ زياد على يزيد بعد قتل الحسين من خُراسان، فقال له يزيد: كم قدمتَ به معك من المال؟ قال: عشرين ألف ألف درهم، فقال: إن شئتَ حاسبناك، وقبضناها منك، ورَدَدْناك إلى عملك، وإن شئتَ سوَّغناك إيَّاها وعزلناك، وتُعطي عبدَ الله بنَ جعفر خمس مئة ألف درهم. فقال: بل تُسَوِّغُني إيَّاها، وتستعملُ من شئت.

وأرسل عبد الرحمن بنُ زياد إلى عبد الله بن جعفر بألفِ ألفِ درهم وقال: خمسُ مئة ألف من قِبَلي، وخمسُ مئة ألف من يزيد (٢).

وفيها أظهر عبد الله بنُ الزُّبير الخلافَ على يزيد بن معاوية بعد قتل الحسين .

لمَّا وصلَ الخبرُ إلى مكَّة بقتل الحسين قام (٣) ابن الزبير خطيبًا، فعظَّم مقتلَهُ، وعابَ أهلَ الكوفة خاصَّة، وأهلَ العراق عامَّةً، وقال: إن العراق قومٌ غُدُر فُجُر إلا قليلًا، وإن أهل الكوفة شِرارُ أهلِ العراق، وإنهم دَعَوْا حُسينًا لِيُولُّوه عليهم وينصروه (٤)، فلما قدم عليهم ثارُوا عليه، فقالوا: إمَّا أنْ تَفَحعَ يَدَك في يد ابنِ زياد (٥) بن سُميَّة، فيُمضي فيك حُكمَه، وإمَّا أن تُحاربَ. فاختار المنيَّةَ الكريمةَ على الحياة الذميمة. فرحم الله حسينًا، وأَخْزَى قاتلَه، فبَعْدَه لا يطمئنُّ إليهم أحد، ولا يُقبل لهم عهدٌ، أَمَا واللهِ لقد قتلوه؛ طويلًا بالليل قيامُه، كثيرًا في النهار صيامُه، أَمَا واللهِ ما كان يُبَدِّلُ بالقرآن الغِناء، ولا بالبكاء من خشية الله صوتَ الحُداء، ولا بالصيام شُربَ الحرام، ولا بمجالس الذكر الركضَ في تَطْلاب الصيد -يُعَرِّض بيزيد- فسوف يَلْقَوْن غيًّا (٦).


(١) في (ب) و (خ): وأرسلت أم محمد … منها حُليًّا وأرسلت أم محمد فبعثت لها بتاجا (كذا). والمثبت من "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٧٤. وينظر "الكامل" ٤/ ٩٧.
(٢) تاريخ الطبري ٥/ ٣١٦.
(٣) في (ب) و (خ): فأمر، بدل: قام (؟) وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٣٨، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٧٤.
(٤) في (ب) و (خ): وينصرونه. والجادة ما أُثبت.
(٥) في المصدرين السابقين: إما أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابنِ زياد …
(٦) قوله: فسوف يَلْقَوْن غيًّا، من الآية (٥٩) في سورة مريم.