للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطيارُ في الجنة عمِّي؟! أليست فاطمةُ بنتُ رسول الله أمي؟! أليست خديجةُ جدَّتي؟! أليس قد استفاضَ فيكم أن رسول الله قال لي ولأخي: "هذانِ سيِّدا شبابِ أهل الجنة". فإن لم تُصدِّقوني فسلُوا جابر بن عبد الله، أو أبا سعيد الخُدري، أو زيد بن أرقم، أو سهل بن سعد، أو أنس بن مالك.

فناداه شَمِر بن ذي الجَوْشن: هو يعبدُ الله على حرف إن كان يدري ما يقول. والباقي سكوت (١).

فنادى الحسين : يا شَبَث بن رِبْعيّ، ويا حجَّار بن أَبْجَر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إليَّ: قد أينعت الثمار، واخضرَّ الجَناب، وإنما تَقْدَمُ على جند مجنَّدٍ لك فأقْبِلْ. فقالوا: لم نفعل. فقال: هذه كتبُكم. فأمَّا إذْ كرهتُموني فدعوني أنصرفْ عنكم إلى مأْمني من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث: أو تنزلُ على حكم ابن عمِّك؟ فإنَّهم لن يُرُوك إلا ما تُحبّ، ولن يصل إليك منهم مكروه. فقال له الحسين : أنت أخو أخيك، أتُريدُ أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بنِ عقيل؟! لا واللهِ لا أُعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أُقرُّ إقرار العبد.

ثم نزل عن راحلته، وجلس بفِناء بيته (٢). وناداه (٣) محمد بن الأشعث: يا حسين، أبْشِرْ، الساعةَ تَرِدُ الجحيم. فقال له الحسين : لعنك الله، ولعن أباك وقَوْمَك يا ابنَ المرتدّ الفاجر، عدوّ الله ورسوله والمسلمين (٤).

ولما زحفوا قِبَلَ الحسين ناداهم زهير بنُ القَين: ويحكم يا أهل الكوفة! تخذُلُون ابنَ بنتِ نبيّكم، وتنصرون الطاغية عُبيد الله بن زياد؟! وذكر مثالبَه ومثالبَ بني أميَّة، وما فعلوا بحُجْر بن عديّ وغيره، فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم، وقال: اسْكُتْ لا سكتَّ، أبْرَمْتَنا بكلامك. فقال له زهير: يا ابنَ البوَّال على عقبيه، إياك أخاطب، إنما أنت بهيمة، واللهِ ما أظنُّك تُحْكِمُ من كتاب الله آيتين، فأبْشِرْ بالخِزْي


(١) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٣٨.
(٢) تاريخ الطبري ٥/ ٤٢٣ - ٤٢٥. والخبر ليس في (م).
(٣) في (م): قال هشام: بلغني أن وقت وقع القتال ناداه …
(٤) خبر ابن الأشعث مع الحسين بنحوه في "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٩٢.