للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذ الكنديُّ البُرنُس وكان من خزّ، وقَعد الحسين وأُتِيَ بصبيٍّ له صغير، فأجلسه في حِجره -وقيل: هو عبد الله بن الحسين [فرماه رجل من بني أسد بسهم، فذبحه، فتلقَّى الحسين ] (١) دمَه، فملأ كفَّه، فجعل يبكي ويقول: اللهم إنك تعلم ما يصنع هؤلاء القومُ بإخوتي وولدي. فنودي من الهواء: دَعْه، فإنَّ له مرضعًا في الجنة.

ورمى عبدُ الله بنُ عقبة الغَنَويُّ أبا بكر بن الحُسين (٢) بسهم، فقتلَه، وفيه يقول ابنُ قَتَّة:

وعند غنيٍّ قطرةٌ من دمائنا … سنجزيهمُ يومًا بها حيثُ حَلَّتِ (٣)

وزعموا أن العبَّاس قال لإخوته من أمِّه؛ عبد الله، وجعفر، وعثمان: يا بني أمّي، تقدَّمُوا فقاتِلُوا حتى أرثكم، فإنه لا ولدَ لكم. فتقدَّموا، فقُتلوا (٤)، قَتَلَ هانئُ بنُ ثُبَيت الحضرميُّ عبدَ الله، وقَتَلَ جعفرًا أيضًا، وقَتَلَ عثمانَ رجلٌ من بني أصبح (٥)، وقتل محمدًا رجلٌ من دارم.

وعطش الحسين ، فدنا ليشربَ من الماء، فرماه حُصين بن تميم بسهم، فوقع في فمه، فجعل يتلقَّى الدمَ من فيه، ويُومئ به إلى السماء، وقال: اللهم أَقِلَّهم عددًا، واقتُلْهم بَدَدًا، ولا تُبقِ منهم على الأرض أحدًا، واجعلهم طرائق قِدَدا، ولا تُرضي عنهم الوُلاةَ أبدًا (٦).


(١) ما بين حاصرتين مستفاد من "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٤٨. وينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٩٨.
(٢) كذا في "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٣٩، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٤٨، و "الكامل" ٤/ ٧٥، والأرجح أنه: ابن الحسن. ولم يرد ذكره في الفقرة الآتية في ذكر من استشهد من آل أبي طالب. وينظر "نسب قريش" ص ٥٠ و ٥٧ - ٥٨، و "أنساب الأشراف " ٢/ ٤٩٨، و "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٨، و "مروج الذهب" ٥/ ١٤٥.
(٣) رواية الشطر الثاني في "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٣٩: وفي أسدٍ أخرى تُعدّ وتُذكرُ. وهو في "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٩٨، و "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٤٨ بمثل رواية ابن سعد، ونُسب فيهما لابن أبي عقب. وسيرد البيت (وبمثل رواية المصنف) ضمن قصيدة لابن قتَّة -واسمه سليمان- في رثاء الحسين .
(٤) تاريخ الطبري ٥/ ٤٤٨ - ٤٤٩. وينظر "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٢.
(٥) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٤٩ أن خولي بن يزيد الأصبحي رمى عثمانَ بن علي بسهم، ثم شدّ عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله.
(٦) بنحوه في "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٩٩، و "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٤٩ و ٤٥١.