للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما وقع الحسين جعل لا يدنو أحد منه إلا شدَّ عليه سِنانُ بن أنس مخافةَ أن يُغلب على رأسه، حتى أخذ رأسَ الحسين ، فدفعه إلى خَوْلي (١).

واختلفوا في قاتل الحسين ، فالمشهور ما ذكرنا، وقيل: الحصين بن تميم. وقيل: مهاجر بن أوس التميمي. وقيل: كثير بن عبد الله الشعبي. وقيل: شَمِر بن ذي الجوشن. والأول أصح.

قال الشعبي: دخل سنان بن أنس على الحجَّاج، فقال له: أنتَ قاتلُ الحسين؟ قال: نعم. قال: فكيف صنعت به؟ قال: دعمتُه بالرمح دعمًا، وهبرتُه بالسيف هَبْرًا، وذبحتُه ذبحًا. فقال له الحجَّاج: أبْشِرْ، فإنكما لا تجتمعان في دار واحدة أبدًا. فما سُمع من الحجَّاج كلمة خير منها (٢).

وروى ابن سعد قال (٣): قال الحجَّاج: من كان له عندنا بلاء فليقم. فقام قوم، فذكروا بلاءهم، وقام سنان بن أنس النخعي، فقال: أنا قاتل الحسين. فقال: بلاء حسن. ورجع إلى منزله، فاعتُقل لسانُه، وذهب عقلُه، فكان يأكل ويُحْدِثُ في مكانه.

وسُلب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحرُ بن كعب التميمي، وأخذ قيس بن الأشعث قَطِيفَتَه، وأخذ نعليه الأسود من بني أَوْد، وأخذ سيفَه القُلانس من بني نهشل بن دارم، وأخذ عِمامتَه جابرُ بن يزيد (٤).

وانتهب أهل الكوفة متاعَه، ومالوا على نسائه وبناته، فإن كانت المرأة لَتُنازَعُ ثوبَها عن ظهرها حتى تُغْلَبَ عليه، فيذهب منها (٥).

وانتهى شَمِر بن ذي الجوشن إلى عليِّ بن الحسين الأصغر وهو مريض على فراش، فقال: ما لهذا ما قُتل؟ قال حميد بن مسلم: فقلت له: يا سبحان الله! ما ذنبُ هذا الصبيّ؟! فما زلتُ أدافع عنه حتى جاء عُمر بن سعد، فقال: لا يدخلنَّ على هؤلاء


(١) المصدران السابقان الأولان.
(٢) بنحوه في "أنساب الأشراف" ٢/ ٥١٢، و "المعجم الكبير" للطبراني (٢٨٢٨)، و"الكامل" ٤/ ٥٨٥ (أحداث سنة ٩٥).
(٣) في "الطبقات" ٦/ ٤٥٤.
(٤) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٤٤، وتاريخ الطبري ٥/ ٤٥٣.
(٥) تاريخ الطبري ٥/ ٤٥٣.