للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسوة أحد، ولا يعترض لهذا الغلام أحد، ومَنْ أخذَ شيئًا من متاعهم فليردَّه. فواللهِ ما ردَّ أحدٌ شيئًا (١).

وقالت فاطمة بنتُ الحسين: نازعني رجل حِلْيَتي فقلت: لا تفعل. فقال: يأخذُه غيري (٢). وعروا نساءه وبناته ثيابهنّ (٣).

وقال الناس لسنان بن أنس (٤): قتلتَ أشرفَ العرب خطرًا؛ الحسين بنَ علي وابنَ فاطمة بنتِ رسول الله ؛ جاء ليُزيل مُلك بني أمية، فاطلبْ ثوابَك منهم، فلو أعطَوْك ما في بيوت أموالهم لكان قليلًا.

فأقبلَ على فرسه، وكان شجاعًا فاتكًا شاعرًا، وكانت به لُوثَة (٥)، فأقبلَ حتى وقفَ على باب فسطاط عُمر بن سعد، ثم نادى بأعلى صوته وقال:

أوْقِرْ رِكابي فضةً وذَهَبا … إني قتلتُ المَلِكَ المُحَجَّبَا

قتلتُ خيرَ الناسِ أمًّا وأبا … وخيرَهم إذْ يُنْسَبُونَ نَسَبا

فقال عُمر بن سعد: أَدْخِلُوه عليَّ. فلما أُدخل حَذَفَه بالقضيب، وقال: إنك لمجنون، أتتكلَّم بهذا الكلام! واللهِ لو سمعك ابنُ زياد لضربَ عنقَك (٦).

ونادى ابنُ سعد في أصحابه: من ينتدب للحسين، فيوطئه فرسَه؟ فانتدب له عَشَرة، منهم إسحاق بن حَيوَة الحضرميّ -وهو الذي سلبَ قميصَ الحسين ، فبَرِصَ (٧) بعد ذلك- فداسُوا الحسين بخيولهم حتى رضُّوا صدرَه وظهرَه.

ووجَدُوا في ظهره خطوطًا سودًا، فسألوا عنها، فقالوا: كان ينقل الطعام على ظهره في الليل إلى الأرامل والمساكين.


(١) المصدر السابق. وينظر "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٤.
(٢) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٤٤.
(٣) لم أقف على هذا القول.
(٤) تحرف في (ب) و (خ) إلى لفظ: وقال الناس استاذن أنس …
(٥) أي: حُمق، ومسُّ جنون.
(٦) أنساب الأشراف ٢/ ٥٠٢، وتاريخ الطبري ٥/ ٤٥٤.
(٧) في (ب) و (خ): فوقف، بدل: فبرص. والمثبت من المصدرين السابقين.