للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنّ أهل المدينة اجتمعوا عند المنبر وخلعوا يزيد مرة ثانية، وكان يزيد لما شهد عليه الجماعة بشرب الخمر وفيهم المِسْور بن مخرمة؛ كتب إلى عامله عثمان بن محمد أن حُدَّ المِسْورَ حدَّ شاربِ الخمر. فجلده ثمانين، فقال ابن أبي عزَّة (١):

أيشربُها صفراءَ كالمِسْكِ ريحُها … أبو خالد ويُضربُ الحدَّ مسورُ (٢)؟!

ولم يوافقهم عبد الله بنُ عمر ، فقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا إسماعيل، حدثنا صخر بن جُويرية، عن نافع قال: لمَّا خلعَ الناسُ يزيد بنَ معاوية؛ جمعَ عبد الله بنُ عمر بنيه وأهلَه، ثم تشهَّد وقال: أمَّا بعد، فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بَيع الله ورسوله، وإني سمعتُ رسولَ الله يقول: "إن الغادرَ يُنصبُ له لواءٌ يومَ القيامة يقال: هذه غَدْرَةُ فلان". وإنَّ من أعظم الغدر أن يُبايع رجلٌ رجلًا على بَيع الله ورسوله، ثم ينكث بَيعَتَه. فلا يخلعن أحدٌ منكم يزيدَ، ولا يُشرفنَّ أحدٌ منكم في هذا الأمر، فيكون صَيْلَمٌ (٣) بيني وبينه. أخرجاه في الصحيحين (٤).

وفيها ولد محمد بن عبد الله بن عباس (٥) والد الخلفاء من بني العباس.

وفيها وُلد عمر بنُ عبد العزيز ، وقيل في السنة الماضية.

وفيها كتب يزيد إلى عُبيد الله بن زياد أن يغزوَ عبد الله بنَ الزبير بمكة بجند العراق، فقال ابن زياد: لا والله، لا أجمعُهما للفاسق؛ قَتْلَ ابنِ رسولِ الله وقتل ابن حواريِّه، وغزوَ بيتِ الله.

وكانت أمّه مَرْجانة امرأةَ صِدْقٍ، فشاورَها، فقالت: ما كفاك ما فعلتَ بابن رسول الله حتى تفعل ذلك (٦)؟!


(١) في (خ): عروة، والمثبت من (ب). وفي "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٥٦ - ٣٥٧: أبو حرَّة.
(٢) نُسب البيت في "المعارف" ٤٢٩، و"العقد الفريد" ٤/ ٣٥، و ٦/ ٣٤٦ للمسور، والبيت فيهما بنحوه.
(٣) في (ب): صدا، وفي (خ): هذا. والمثبت من "مسند أحمد" (٥٠٨٨)، وفي رواية البخاري (٧١١١): الفيصل، وهما بمعنى.
(٤) صحيح البخاري (٣١٨٨)، وصحيح مسلم (١٧٣٥) دون ذكر القصة.
(٥) تاريخ الطبري ٥/ ٤٨١.
(٦) ينظر "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٨٣ - ٤٨٤، و"المنتظم" ٦/ ١٣.