للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبلغَ أهلَ البصرة وقالوا: نخلعُ الفاسقَ كما خلعه أهلُ الكوفة. فوثبوا عليه (١).

وقال يونس بن حبيب الجَرْمي: كان يزيد بنُ معاوية قد تغيَّر على ابنِ زياد، وسببُه أنَّ ابنَ زياد لما قتلَ الحسينَ وبني أبيه، وبعثَ برؤوسهم والسبايا إلى يزيد، سُرَّ بقتلهم أولًا، وحسُنتْ حالةُ ابنِ زياد عنده. ثم لم يلبث إلا يسيرًا، فندم على قتل الحسين ، وكان يقول: وماذا عليَّ لو احتملتُ الأذى، وأنزلتُه معي في داري حفظًا لرسول الله ، ورعاية لحقِّه وقرابته، وحكَّمْتُه فيما يريد. وكان يُكثر من ذلك ويقول: لعنَ الله ابنَ مَرْجانة، فإنه اضطره إلى أن قُتل، وقد كان سألَه أن يُخلّيَ سبيلَه؛ فإمَّا أن يرجع من حيث جاء، أو يأتيَني فيضعَ يده في يدي، أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفَّاه الله تعالى، فأبى ذلك وقتلَه، فبغَّضني إلى المسلمين، وزرعَ لي في قلوبهم العداوة، فأبغضني البَرُّ والفاجر بما استعظم الناس من قتلي حُسينًا، ماي ولابنِ مَرْجانة، لعنه الله وغضب عليه.

وبلغ ابنَ زياد، فأرسل مولًى له يقال له: أيوب بن حُمْران إلى الشام ليأتيه بالخبر، فعاد إليه بموت يزيد، فأمر عُبيد الله مناديًا، فنادى: الصلاة جامعة. فاجتمعَ الناس، فخطبَ، ونَعَى يزيد، وعرَّض بثَلْبه لِما بلغَه عنه. فقال له الأحنفُ بنُ قيس: إنه قد كان ليزيد في أعناقنا بيعة. فأعرضَ عنه.

ثم قال عُبيد الله: إن أهل الشام قد اختلفوا .. وذكر بمعنى ما تقدَّم. فبايعوه عن رضًى منهم، فلما خرجوا من عنده جعلوا يمسحون أكفَّهم بباب الدار والحيطان ويقولون: أيظنُّ ابنُ مَرْجانة أنَّا نُولِّيه أمرَنا؟!

وجعل سلطانُ ابن زياد يضعُف وأمرُه لا يُمتثل، ويأمر بحبسِ شخص فيُحالُ بين أعوانه وبينَه.

ودعا سلَمةُ بنُ ذُؤيب بن عبد الله اليربوعي إلى عبد الله بنِ الزُّبير، فاجتمع إليه ناس، وبايعوه لعبد الله ابن الزبير، فجمع ابنُ زياد القبائل وقال: هذا سلَمة بن ذُؤيب يدعوكم إلى الفُرقة ليضربَ بعضَكم ببعض، وأنا فقد ضعُف سلطاني، وما بايعتموني


(١) المصدران السابقان قبل تعليق.