للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على هذا. فقال الأحنف وأشراف الكوفة: نحن نجيئك بِسَلَمة. ومضوْا إليه، فلم يقدِروا عليه، فلم يعودوا إلى ابنِ زياد.

وكان في بيت المال ثمانية آلاف ألف درهم، وقيلَ: تسعة عشر ألف ألف، فجمعَ الأشراف والعظماء وقال: هذا بيتُ مالكم وفيئكم، فخُذوا أُعطِياتِكم وأرزاقَ ذراريكم منه. وأمر الكَتَبة باستخراج أساميهم، واستعجل في ذلك؛ حتى كان الكتَّاب يكتبون أسامي الناس في الليل على الشمع. فلما (١) صنعوا به ما صنعوا وقعدوا عنه، ولم يحضر إليه سَلَمة بنُ ذؤيب؛ منعهم المال، وأخذَه معه لمَّا هرب، وفرَّقه في آل زياد، فذلك المال في آل زياد إلى اليوم.

ثم دعا عُبيد الله البخاريَّة الذين قدم بهم معه من بُخارا وقال لهم: تُقاتلون معي. فقالوا. إنْ أمَرَنا قُوَّادنا قاتلنا. فقال له إخوتُه: عمَّن تقاتل؟ ما ثَمَّ خليفةٌ فتقاتلَ عنه، وإن هُزمتَ أمدَّك، والحربُ دُوَل، فلا ندري ما يكون، وعندنا أموال، فإن ظهروا علينا أخذُوها فهلكنا. وقال له أخوه عَبْدُ الله بنُ زياد لأبيه وأمّه: واللهِ لئن قاتلتَ القوم لأعتمدنَّ على ظُبَةِ سيفي حتى يخرج من صُلبي.

فلما رأى عُبيد الله ذلك أرسل إلى الحارث بن قيس بن صُهْبان فقال له: يا حارث، إن نفسي تأبى غيرَكم، وقد احتجتُ إلى الهَرب والجِوار، وقد اخترتكم (٢). فقال له: إنْ أخرجتُك نهارًا خفتُ أن لا أصل بك إلى قومي حتى أُقتل أو تُقتل، ولكن أُقيم معك إلى الليل، وأُردِفُك خلفي لئلا تُعرف. قال: نعم.

وخرج به وبإخوته وأهله ومعهم الأموال، فجعل عُبيد الله يسألُه عن قبيلة قبيلة، فقال له: أين نحن؟ فقال: في بني سلمة (٣). فقال: سلمنا. ثم أتى علي بني ناجية،


(١) في (ب) و (خ): فما. والتصويب من "تاريخ" الطبري ٥/ ٥٠٩،
(٢) في (خ): اخترتك. والمثبت من (ب). وعبارة الطبري ٥/ ٥٠٩: إن أبي كان أوصاني إن احتجت إلى الهرب يومًا أن أختاركم. وينظر "أنساب الأشراف " ٤/ ٤٤٧.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٥/ ٥١٠: بني سُليم.