للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنّ ابن زياد قد فُقد، ولا نأمنُ أن تَلَطَّخُوا به، فأصْبِحُو! في السلاح. وأصبحَ الناس فقالوا: ما ابنُ زياد إلا في الأَزْد (١).

فأرسل شقيق بن ثور إلى مسعود بن عَمرو يقول: احذر الفتنة، وأخْرِجْ ابنَ زياد.

وكان ابن زياد وأخوه عَبْدُ الله عند مسعود، وبلغَهما، فقال عبد الله: واللهِ لا نخرجُ عنكم، فقد أجرتُمونا وعقدتُم لنا عقد الذّمَّة، فلا نخرج حتى نُقتل بينكم، فيكونَ عارًا عليكم إلى يوم القيامة.

وقيل: إن الحارث لم يكلِّم ابنَ عَمرو في ابنِ زياد، ولكنّه أمرَ عُبيد الله، فحملَ معه مئة ألف درهم، فأتى بها أمَّ بِسْطام امرأةَ مسعود -وهي بنت عمِّه- ومعه عُبيد الله وعَبد الله ابنا زياد، فاستأذنَ عليها، فأذنَتْ، فقال لها الحارث: قد أتيتُكِ بأمر تَسُودين به نساءك، وتبنين (٢) به شرف قومك، وتتعجَّلين عينًا هي لك خاصة، هذه مئةُ ألف درهم، خُذِيها فهي لك، وضُمّي إليكِ عَبدَ الله وعُبيد الله. فقالت: أخافُ أن لا يقبله مسعود، فقال: اجعلي عليهما ثوبا، وأدخليهما في الفراش بينكِ وبين مسعود ففعلت (٣).

فلما رأى مسعود ابن زياد قال له: قد أجارتني بنتُ عمِّك، وهذا ثوبُك عليّ وطعامُك في بطني. فسكتَ، وأخذَت المال. فلم يزل في دار مسعود حتى قُتل مسعود (٤).

وكان مسعود جميلًا يسمى القمر لجماله، وأقام ابنُ زياد في داره أربعين يومًا، فلما قُتل مسعود هرب ابن زُياد إلى الشام. ويقال: إنَّ ابن زياد استخلفَه على البصرة لما هرب.


(١) المصدران السابقان.
(٢) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٥١٣: وتُتِمّين.
(٣) قوله: فقال اجعلي عليهما ثوبًا … إلى هذا الموضع من (ب)، وليس في (خ). وفي "تاريخ الطبري" ٥/ ٥١٣: فقال الحارث: ألبسيه ثوبًا من أثوابي، وأدخليه بيتك، وخلّي بيننا وبين مسعود. وفي "أنساب الأشراف" ٤/ ٤٤٨: فأدْخَلَتْه حَجَلَتَها وألبَسَتْه ثوبًا لزوجها.
(٤) ينظر "أنساب الأشْراف" ٤/ ٤٤٨، و"تاريخ" الطبري ٥/ ٥١٣.