للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستصرخ فلا يُصْرَخ، ويستغيثُ فلا يُغاث، ويسأل النِّصْفَ (١) فلا يُعْطَى. واتخذه الفاسقون غَرَضًا للنَّبْل ودَوْم الرماح (٢) حتى أقصدوه، وعَدَوْا عليه فسلبوه. ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤].

وذكر كلامًا طويلًا في هذا المعنى، ثم قال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيلِ﴾ [الأنفال: ٦٠] (٣).

ثم كاتبوا إخوانَهم: سعد بنَ حذيفة بن اليمان، وكان بالمدائن، وإلى المثنى بن مُخَرِّبة العَبْدي، وإلى جميع الأمصار، وأن يكون اجتماعهم بالنُّخيلة غُرَّةَ ربيع الآخِر سنة خمس وستين (٤).

فقال أبو مِخْنَف: كان بداية أمرهم في سنة إحدى وستين بعد مقتل الحسين ، وكانوا يستعدون للحرب، ويجمعون الأموال والسلاح حتى هلك يزيد بنُ معاوية يوم الخميس لأربع عشرة مضت من ربيع الأول سنة أربع وستين، فكان بين مقتل الحسين وهلاك يزيد ثلاث سنين وشهران وأربعةُ أيام. وكان عُبيد الله بن زياد بالبصرة، وعمرو بن حُريث خليفتُه بالكوفة، فاجتمعت الشيعة إلى سليمان بنِ صُرد وقالوا: قد مات هذا الطاغية والأمر الآن إلى ضعف، فإنْ شئتَ وثبنا على عمرو بنِ حُريث، فأخرجناه من القصر، وأظهرنا الطلب بدم الحسين، وقتلنا قَتَلَتَهُ. فقال سليمان: رويدًا لا تعجلوا، فإنَّ قتلةَ الحسين هم أشرافُ أهل الكوفة وفرسانُ العرب، وهم المُطالبون بدمه، ومتى علموا بما تريدون كانوا أشدَّ عليكم، فاثبتُوا حتى ننظر في هذا الأمر، ونبثَّ الدعاة، وتكثر الشيعة (٥).

وفيها ولَّى عبدُ الله بنُ الزُّبير عبد الله بنَ يزيد الخَطْمي الأنصاري الكوفة على حربها، وولَّى إبراهيم بن محمَّد بن طلحة بن عُبيد الله الأعرج على خَرَاجها، فقدماها


(١) أي: الإنصاف.
(٢) في "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٠: ودريئة، وفي "تاريح الطبري" ٥/ ٥٥٤: ودريَّة للرِّماح.
(٣) أنساب الأشراف ٦/ ٢٨ - ٣٠، وتاريخ الطبري ٥/ ٥٥٢ - ٥٥٤.
(٤) في (خ) (والكلام منها): ربيع الأول سنة سبع وستين. والتصويب من المصدرين السابقين ٦/ ٣١ / ٥٥٦.
(٥) ينظر "تاريخ الطبري" ٥/ ٥٥٨ - ٥٥٩.