للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركونا لم نطلبهم. وقال: ما الذي يريدون؟ قال: يذكرون أنهم يطلبون بدم الحسين. فقال: فأنا قتلتُ الحسين؟! لعنَ الله قاتلَ الحسين.

وكان سليمان بن صُرَد وأصحابُه يريدون [أن] يثبوا بالكوفة، فصَعِدَ عبدُ الله المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أمَّا بعد، فقد بلَغَني أن طائفةً من أهل العصر يُريدون الخروج علينا، فسألتُ عن السبب، فذُكر لي أنهم يطلبون بدم الحسين بنِ عليّ، فرحم الله هؤلاء القوم، فقد دُلِلْتُ على أماكانهم، وقيل لي: ابدأ بهم قبل أن يبدؤوا بك. فأبيتُ ذلك وقلتُ: إنْ قاتلوني قاتلتُهم، وإن تركوني لم أطلبهم، وعلامَ يُقاتلونني؟! فوالله ما أنا قتلتُ حسينًا! فلعنَ اللهُ قاتلَه، وهؤلاء القوم آمنون، فليخرجوا ظاهرين، ثم ليسيروا إلى قَتَلَةِ الحسين ، وأنا لهم على قاتله ظهير ومعين. وهذا ابنُ زياد قاتلُ الحسين وقاتلُ أماثلكم وخِياركم قد توجَّه إليكم، فاسْتَعِدُّوا له (١)، فهو أولى من أن يقتل بعضُكم بعضًا ويسفك بعضكم دمَ بعض، فيلقاكم وقد رَقَقْتُم (٢)، وتلك أمنيَّةُ عدوِّكم.

فقام إبراهيم بنُ محمَّد بن طلحة، فقال: أيها الناس، لا يغرَّنَّكم كلامُ هذا المداهن الموادع، واللهِ لئن خرجَ علينا خارج لَنقتلنَّه (٣)، ولئن تيقَّنَّا أنَّ أحدًا خارج علينا لنأخذنَّ الوالد بولده، والمولودَ بوالده، والحميم بحميمه، حتى تدينوا للحق وتَذَلَّلُوا للطاعة.

فقام المسيَّب بنُ نَجَبة، فقطع عليه كلامَه وقال: يا ابن الناكثين، أنت تهدِّدُنا بسيفك وغَشْمك (٤). واللهِ [إني لأرجو ألا يخرجك الله من] بين ظهراني هذا العصر حتى يُثلِّثُوا بك أباك وجدَّك. وأمَّا أنت أيُّها الأمير؛ فقد قلتَ قولًا رشيدًا، والله إني أظنُّ من (٥) يريدُ هذا الأمر مستنصحًا لك، وقابلًا قولَك.


(١) في (خ) (والكلام منها): فاستعدُّوا أمثاله (؟). وينظر "تاريخ" الطبري ٥/ ٥٦٢.
(٢) في (خ): وقفتم. والمثبت من المصدر السابق.
(٣) في (خ): ليقتلنا. والمثبت من المصدر السابق.
(٤) الغَشْم: الظلم والغَصْب. ووقع في (خ): وبحسمك! والتصويب من "تاريخ" الطبري ٥/ ٥٦٢، وما سيرد بين حاصرتين منه.
(٥) في (خ): أظنُّ أنَّ من. والمثبت من المصدر السابق، من أجل قوله بعده: مستنصحًا …