للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال إبراهيم: إي واللهِ ليُقتلَنَّ، وقد داهن (١) ثم أعلن.

فقام عبد الله بن والي التَّيمي فقال: يا أخا بني تيم (٢) بنِ مُرَّة، ما اعتراضك بينَنا وبين أميرنا، إنَّما أنت أميرُ جِزْيَةٍ وخَراج، ولست بأميرنا ولا سلطانَ لك علينا، فأَقْبِلْ على جِزْيتك وخَراجك، فواللهِ ما أفسدَ أمر هذه الأمةِ إلا والداك (٣) الناكثان، فعاد عليهما شؤم ذلك، وكانت عليهما وعلى الناكثين دائرة السُّوء.

فغضب جماعةٌ من أصحاب إبراهيم بن محمَّد، وغضبت الشيعة، فتخاصموا، ونزل عبدُ الله من المنبر، فقال إبراهيم: داهن الخَطْميُّ أهلَ الكوفة، واللهِ لأكتبنَّ بذلك إلى ابن الزبير.

وبلغ الخَطْميَّ، فدخل عليه وقال: واللهِ ما أردتُ بما قلتُ إلا العافيةَ، وإصلاحَ ذات البَيْن، وإطفاءَ النائرة. فقبل إبراهيمُ ذلك منه.

وأقبلت الشيعةُ يتجهَّزون ويشترون السلاح ظاهرين لا يخافون.

وفيها فارقت الخوارجُ عبد الله بنَ الزبير، وكانوا قد اجتمعوا عنده يحمون الكعبة، ويقاتلون أهلَ الشام، وكان عُبيد الله بن زياد لما قَتلَ الخوارجَ تفرقوا في البلاد، واجتمعوا إلى نافع بن الأزرق، وقالوا له: قد هلك الطاغية يزيد، وأقام ابنُ الزُّبير عائذًا بالبيت، فماذا ترى؟ قال: سيروا بنا إليه، فإن كان على رأينا جاهدنا معه عدوَّه، وإن لم يكن على رأينا دافعنا عن البيت ما استطعنا، ونظرنا بعد ذلك في أمرنا.

فقوموا على ابن الزبير فسُرَّ بهم، وسألوه، فقال: أنا على مثل رأيكم. وأعطاهم الرِّضى من غير توقيف. فقاتلوا معه حتى مات يزيد بنُ معاوية ورجع أهل الشام عن مكة، فقال بعضهم لبعض: قد زعم أنه على رأيكم، وإنما كان أمسِ يُقاتلكم هو وأبوه وينادون: يا لثارات عثمان. فاسألوه عن عثمان، فإن برئَ منه؛ فهو منكم، وإن أبي؛ فهو عدوُّكم.


(١) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٥٦٢: أدهن.
(٢) في (خ) (والكلام منها): سمرة، بدل: بني تيم! والمثبت من المصدر السابق.
(٣) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٥٦٣: والدك وجدُّك.