للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخاه أو حميمه، فيقع التخاذل، فإذا فرغتُم من الفاسق ابنِ الفاسق ابنِ مَرْجَانة؛ حصل لكم المراد. فقالوا: صدقت.

وبلغ عبد الله بنَ يزيد الخَطْمي وإبراهيم بن محمد بن طلحة ذلك، فخرجا إليهم في أشراف أهل الكوفة بعد أن طلبا الإذن في خروجهما إليهم، فأذنَ سليمان وأصحابُه، فقال عبدُ الله بنُ يزيد لكلِّ من هو معروف بقتل الحسين : لا تصحبونا إلى القوم، إنا نخافُ عليكم منهم. فتأخَّروا عنه.

وكان عُمر بن سعد تلك الأيام التي عسكر فيها [سليمان] بالنُّخَيلَة لا يبيتُ في داره، بل في قصر الإمارة مع الخَطْمِيّ خوفًا لا يُبَيِّتُوه في داره.

ولما دخل الخَطْميُّ وإبراهيم بنُ محمد بن طلحة على سليمان؛ حمدَ اللهَ الخطميُّ وأثنى عليه (١) وعلى رسوله وقال: أما بعد، فإنَّ المسلم أخو المسلم لا يخونُه ولا يغشُّه، وأنتم إخوانُنا وأهلُ بلدنا وأحبّ خلق الله إلينا، فلا تَفْجَعونا بأنفسكم، ولا تشذُّوا (٢) علينا برأيكم، ولا تنقصوا عَدَدَنَا بخُرجوكم من جماعتنا، أقيموا معنا، فإذا تيقَّنَّا أنَّ عدوَّنا قد شارف بلادنا؛ خرجنا بجماعتنا فقاتلناه. وتكلَّم إبراهيم بمثل ذلك.

فقال لهما سليمان: إني قد علمتُ أنكما قد مَحَضْتُما النصيحةَ، واجتهدتُما في المشورة، ونحن إنما خرجنا للهِ تعالى، ولا نُرانا إلا شاخصين.

فقال الخَطْمي: فأقيموا حتى نجهِّز معكم جيشًا كثيفًا تلقَون عدوَّكم به، فتكونوا به ظاهرين عليه، فقال سليمان: انصرفا الآن حتى نرى رأينا. فقال لهم الخَطْمي وابنُ طلحة: أقيموا ونحن نخصُّك وأصحابَك بخراج جُوخَى دون الناس. فقال سليمان: ما خرجنا للدنيا، بل لبذل نفوسِنا لله تعالى.

وإنما فعل الخَطْمي وابنُ طلحة ذلك خوفًا من ابن زياد أن يفجأهم.


(١) وقع خرم في (ب) بدءًا من هذا الموضع وحتى ص ٣٧٣ (أحداث سنة ٦٦ أول ذكر مسير جيش المختار).
(٢) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٥٨٧: ولا تستبدُّوا.