للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خُطوة، ولا رتا رَتْوةً (١) إلا كان ثواب الله له أعظمَ من الدنيا وما فيها، إنَّ سليمان بن صُرَد قضى ما عليه، وتوفَّاه الله، فجعل رُوحه مع أرواح النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، ولم يكن بصاحبكم الذي به تُنصرون، وإنما أنا الأميرُ المأمون، قاتلُ الجبَّارين المُحِلِّين، والمُقِيدُ من الأوتار، فأَعِدُّوا واستعدُّوا، وأبشروا واستبشروا، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنةِ رسولِه، والطلبِ بدماء أهل البيت، والدفعِ عن المساكين، ورَدْعِ الظالمين (٢).

وفيها عقدَ مروان البيعة لابنيه عبدِ الملك وعبدِ العزيز، وكان مروان حين بُويع بالخلافة عهد إلى خالد بن يزيد بعده، ثم إلى عمرو بن سعيد بن العاص، فلما فتح مصر عهد إلى ابنه عبد العزيز، فعزَّ ذلك علي بني أمية وآل حرب وقالوا: غَدَرَ وكذَب. وعزموا على خلعه، فعهد إلى عبد الملك وولَّاه فلسطين، وعهد بعهده إلى عبد العزيز، وولَّاه مصر.

وفيها سار مروان إلى مصر، فافتتحَها، وكان على مصر عبد الرحمن بن عُتبة بن أبي إياس بن جَحْدم، فخرج مروان من دمشق، واستخلف عليها ولدَه عبد الملك.

ولما مرَّ مروان بفلسطين -وقيل: بِرَفَح- كان بها أهلُ السائب بن هشام العامري (٣)، وكان السائب مقيمًا بمصر عند [ابن] جَحْدم، [وعند] وصول مروان إلى الساحل (٤) جهَّز إليه السائبَ في ثلاثة آلاف فارس، وكان مروان لما مرَّ بأهل السائب قال له رَوْح بن زِنْباع: خذ ابنَي السائب معك رهينة. فأخذَهما، وسارَ مروان إلى مصر، فالتقَوْا دون الفسطاط، فأخرج مروان ابنَي السائب بين الصفَّين، ونادى منادي مروان: إنْ لم يرجع السائب عن قتالنا وإلا قتلناهما.

فرجع السائب إلى الفسطاط، فبعث إليه ابنُ جَحْدم جيوشًا ومروان يهزمُها، فصالحه ابنُ جَحْدم على أن يخرج إلى مكة بماله وأهله، فأجابه مروان، وخرج إلى ابنِ الزبير إلى مكة (٥).


(١) بمعنى ما قبلها، أي: خطا خطوة.
(٢) ينظر "تاريخ" الطبري ٥/ ٦٠٦.
(٣) في (خ) (والكلام منها فقط): العدوي، وهو خطأ .. وينظر "أنساب الأشراف" ٥/ ٣١٩.
(٤) كذا في (خ). وزدتُ ما بين حاصرتين لضرورة السياق.
(٥) ينظر "أنساب الأشراف" ٥/ ٣١٨ - ٣١٩.