للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إن مروان قتلَ ابنَ جحدم في هذه السنة، واستخلفَ عبدَ العزيز على مصر (١).

وعاد مروان إلى الشام، وقال لعبد العزيز: يا بُنيّ، أَرْسِلْ حكيمًا ولا تُوصِهِ، وإن كان عليك حقٌّ غُدوةً فلا تؤخِّرْه إلى عشيَّة، وعلى العكس، وإيَّاك أن يظهر منك كذبٌ لرعيَّتك، فإنه إن ظهر لهم منك ذلك في الباطل لم يصدِّقُوك في الحقّ، واستشر جلساءك [وأهل العلم، وقرِّب أهل الحَسَب والدين والمروءة، وليكونوا جلساءك]، ثم اعرف لهم منازلهم، وإن غضبتَ على أحد من رعيَّتك، فلا تُعاقبه حتى يسكنَ غضبُك، ولا تؤاخذه عند سَوْرَة الغضب. أقول قولي هذا وأستخلفُ اللهَ عليك (٢).

ذكر يوم الرَّبَذَة:

[قال علماء السِّيَر:] ولما عاد مروان من مصر جهَّزَ جيشًا إلى ابن الزُّبير مع حُبَيش بن دُلَجَة في ستَة آلاف وأربعِ مئة؛ فيهم يوسف بن الحَكَم الثقفي، ومعه ابنُه الحجَّاج [بن يوسف]، وكان جابر بن الأسود بن عوف عامل ابن الزبير على المدينة، فهرب إلى مكة.

وجهَّز إليهم عبد الله بن الزُّبير جيشًا من الحجاز، وكتب إلى البصرة يطلب الجيوش، وكان على البصرة الحارث بن [عبد الله بن أبي ربيعة، ويقال له: القُباع، وكان ابن الزبير قد ولّى] (٣) عبدَ الله بنَ مطيع الكوفة.

فجهَّزَ الحارثُ الحَنْتَفَ (٤) بنَ سِجْف التميميّ على جيش البصرة، واجتمعوا بجيش الكوفة، وساروا في خمسة آلاف.

وكان حُبَيش بن دُلَجَة لما أتى المدينة؛ نزل عسكرُه بالجُرْف، ودخل هو المدينة، فنزل بدار مروان، وهي دار الإمارة، واستعمل على سوق المدينة رجلًا من مزينة يُدعى مالكًا.


(١) من قوله: وكان على مصر عبد الرحمن بن عتبة … إلى هذا الموضع، وقع بدلًا منه في (م) ما صورتُه: "وقال الواقدي: كان ذلك سنة أربع وستين، وقال هشام: في سنة خمس وستين، وقد ذكرنا أن عبد العزيز وليَ مصر، وجعله مروان وليَّ عهده".
(٢) العقد الفريد ١/ ٤٢، والتذكرة الحمدونية ٣/ ٣٣٢ - ٣٣٣. وما سلف بين حاصرتين من (م).
(٣) ما بين حاصرتين من (م)، ووقع فيها: بن ربيعة، وهو خطأ.
(٤) في (م): الحنيف (وكذا في المواضع الآتية). ولم تجوّد في (خ). والصواب ما أثبتُّه. وينظر "الإكمال" ٢/ ٥٦٠، و"توضيح المشتبه" ٣/ ٣٧٥.