للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخاف حُبيشٌ أهلَ المدينة، وآذاهم وقال لهم: يا أهل النِّفاق والشِّقاق.

[وقال أبو اليقظان:] وصعد منبرَ رسولِ الله ، فجعلَ يأكل التمر على المنبر، ويرميهم بالنَّوَى ويقول: إن هذا ليس بموضع الأكل، ولكني أردتُ أن أعرِّفكم هوانَكم عليَّ. ألستُم خذلتُم أمير المؤمنين [عثمان] وفعلتُم وفعلتُم؟ وإنَّ لكم يومًا كيوم الحَرَّة (١).

وأساء السيرة، وأفسد أصحابُه فيها، وأخرجوا الناس من منازلهم.

[قال ابن سعد: ووصل الحَنْتَفُ في ذلك الحال ومعه جيوش العراق كما ذكرنا] (٢).

[وقال هشام:] ولما وصل حُبيش إلى المدينة التقاه جيشُ ابنِ الزُّبير، فاقتتلوا، فكانت في أوَّل النهار على أهل الشام، ثم صارت في آخره على أهل الحجاز، فانهزموا، ودخل حُبيش المدينة، وفعل ما فعل، فبينا هو كذلك إذ أقبل الحَنْتَفُ في جيوش أهل العراق، وانضاف إليه مَنْ هربَ من جيش الحجاز، فخرج إليهم حُبَيش، وخلَّف بالمدينة بعضَ أصحابه خوفًا من مَدَد ابنِ الزبير أن يصل إليها، وكمن له الحَنْتَفُ بالرَّبَذَة. ولما وصلَ إليها لم يشعر إلا بالكمين من كل ناحية، فأخذتهم الرِّماح والسيوف، وقتلوا أهلَ الشام قتلًا ذريعًا، وقُتل حُبَيش بنُ دُلَجَة، وأُسِرَ من أهل الشام خمسُ مئة (٣).

وهرب يوسف ومعه ابنه الحجَّاج؛ أردفَه خلفَه، فكان الحجَّاج يقول: ما أقبحَ الهزيمة! لقد لقينا يوم الرَّبَذَة ما لا يُوصف.

[قلت:] وكان الحجَّاج يُعيَّر بذلك اليوم؛ ولَّى الحجاجُ خالدَ بنَ عتَّابِ بنِ ورقاء التميميّ -وكنيتُه أبو سليمان- الرَّيّ، وكانت أمُّه أمَّ ولد، وكان خالد قد حلف لا يسبُّ أمَّه أحدٌ إلا سبَّ أباه (٤) كائنًا من كان، فكتب إليه الحجَّاجُ يَلْخَنُ أمَّه (٥) ويقول له: أنتَ


(١) ينظر "أنساب الأشراف" ٥/ ٣٢٢ - ٣٢٤، و"تاريخ دمشق" ٤/ ١٩٥ (مصورة دار البشير).
(٢) ما بين حاصرتين من (م) ولم أقف عليه في طبقات" ابن سعد.
(٣) ينظر المصدران السابقان، و"تاريخ" الطبري ٥/ ٦١١ - ٦١٢.
(٤) في (خ) (والكلام منها فقط): أبيه. وأثبتُّ اللفظة على الجادة.
(٥) أي قال له: يا ابن اللَّخناء، من اللَّخَن، وهو نتن الرِّيح عامَّة، وتقال في السّبّ. يقال: لَخِنَ الرجلُ ولَخِنَت المرأة، أي: أنتنت أرفاغُهما (مواضع اجتماع الوسخ من البدن).