للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان معاوية جعله على ديوان المدينة مكان زيد بنَ ثابت وهو ابن ستَّ عشرةَ سنة (١).

وكان له يوم حُصر عثمان ثلاث عشرة سنة، وقيل: عشر سنين.

[وقال أبو اليقظان:] وكان عبد الملك حازمًا فهمًا فطنًا ممارسًا للأمور، لا يكل أمره إلى غيره (٢).

قال مالك بن عُمارة بن عقيل: كنت أجالس عبدَ الملك بن مروان بفِناء الكعبة وهو صبيّ، فقال لي يومًا: يا مالك، إنْ عشت، فسترى الأعناقَ إليَّ مائلةً، والآمال نحوي سامية، فإذا كان ذلك، فما عليك أن تجعلني لرجائك بابًا، ولأمَلِك سببًا؟ فوالله لأملأنَّ يديك مني عطيَّة، ولأكسونَّك مني نعمة.

ومضى على هذا دهر، فلمَّا أفضت الخلافةُ إليه؛ رجعت من مكة إلى دمشق، فأقمتُ ببابه أسبوعًا لم أصل إليه، فلما كان يومُ جمعة؛ خرج إلى المسجد، فخطبَ، فأقبلتُ عليه بوجهي، فأعرض عنّي، أفعلُ ذلك مرارًا، فعزَّ عليَّ، فلما انصرفَ من صلاته إذا برجل قد دخلَ المسجد فقال: أين مالك بنُ عُمارة؟ قلت: ها أنا ذا. فقال: أجِبْ أميرَ المؤمنين.

فدخلتُ وسلَّمتُ عليه، فردَّ، وأدناني حتى أجلسني معه على سريره، ثم سألني عن أهل مكة، وعن أهلي، ثم قال: لعلك ساءك ما رأيتَ منّي؟ قلت: نعم. قال: لا يَسُوءُك، فإنَّ ذلك مقامٌ لا يُسمع فيه إلا ما رأيتَ، وههنا قضاء حقِّك.

ثم أمر، فأُخْلِيَ لي منزلٌ إلى جانب قصره، وأُقيم لي فيه جميعُ ما أَحتاجُ إليه، وكنتُ أحضرُ عنده غداءه وعشاءه، فمللتُ من المقام، وتبيَّن فيَّ ذلك، فقال: لعلك اشتَقْتَ إلى أهلك؟ قلت: نعم، فقد وغرتُ (٣) عليهم الأوبة. فقال: يا غلام، عليَّ بعشر بِدَر،


(١) أنساب الأشراف ٦/ ٣٠١، والمعارف ص ٣٥٥.
(٢) ينظر "البداية والنهاية" ١٢/ ٣٨١ - ٣٨٢. وما سلف بين حاصرتين من (م).
(٣) كذا في (خ) (والكلام منها): ولعلها: وعَرْتُ، أي: حبستُ. وفي أصول "تاريخ دمشق" ٦٦/ ١٣٣ (كما في حاشيته - طبعة مجمع دمشق - ترجمة مالك بن عمارة): وعدت إليهم.