للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعشرة أسفاط من دقّ مصر (١)، وعشرة غلمان، وعشر جَوارٍ، وعشرة أفراس، وعشرة أبغل، وعشر نُوق. فأُحْضرَ الجميع، فقال: يا مالك، أتَراني وفَّيتُ لك؟ فقال: وإنك ذاكرٌ ذلك؟! فقال: وما خيرٌ فيمن لا يذكرُ ما وعدَه، وينسى (٢) ما أوعدَ به، واللهِ لم يكن ذلك لشيءٍ رويناه، ولا خَبَرٍ سمعناه (٣)، ولكنّي تخلَّقتُ به في الصِّبا، فكنتُ لا أُسَاري ولا أُماري، ولا هتكتُ سترًا حظره الله عليّ، وكنتُ أعرِفُ للأديب حقَّه، وأُكرمُ العالِم لعلمه، فرفع اللهُ درجتي، وأرجو أن يُلحقَني بالصالحين، فإنْ أقمتَ عندنا؛ فبالرُّحْب والسَّعَة، وإنْ رحلتَ؛ ففي الحفظ والدَّعَة.

[وذكره المسعودي (٤) وقال:] جاءه في ليلة واحدة مقتلُ عُبيد الله بن زياد ومن كان معه، ومقتلُ حُبَيش بن دُلَجة، وكان على جيش المدينة، ودخولُ ناتل بن قيس الجُذامي فلسطين من قبل ابن الزبير، وخبرُ ملك الروم لاوى أنه نزل المِصِّيصة يريد الشام، ونزول [مصعب] بن الزُّبير (٥) فلسطين، وأن عَبِيد دمشقَ وأوباشَها نزلوا على أهلها وفتحوا السجون، وأخرجوا من كان بها، وأن العربَ أغارت على حمص وبعلبكّ والبقاع، وغير ذلك ممَّا نُمِيَ إليه من مفظّعات الأمور، فلم يُرَ عبد الملك في ليلة قبلها أشدَّ ضحكًا، ولا أحسنَ وجهًا، ولا أبسطَ لسانًا، ولا أثبت جَنانًا منه في تلك الليلة تجلُّدًا وسياسة للملك (٦)، وتركًا لإظهار الفشل.

[وسنذكر سيرته مفرّقة في الكتاب]

ذكر صفته:

كان أبيض أشهل، وقيل: أسمر، وكان مفتوح الفم، مُشَبَّك الأسنان بالذهب، لم يغيِّر شيبه، وقيل: إنه خضب، ثم ترك (٧).


(١) هي ثياب من الكتَّان الخالص. ينظر "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب" ص ٥٣٠.
(٢) كذا في (خ) (والكلام منها) و"تاريخ دمشق" ٦٦/ ١٣٣. والجادّة: ولا ينسى.
(٣) في "تاريخ دمشق": "لم يكن ذلك عن شيءٍ سمعناه ولا خبر رويناه". وهو أشبه.
(٤) في "مروج الذهب" ٥/ ٢٢٤ - ٢٢٥. والكلام بين حاصرتين من (م).
(٥) في (خ) (والكلام منها): ونزل ابن الزبير، وأثبتُّ من اللفظ ما يناسب الرسم، مع استدراك اسم "مصعب" للإيضاح، وعبارة المسعودي: ومسير مصعب بن الزبير من المدينة إلى فلسطين.
(٦) في "مروج الذهب": للملوك.
(٧) ينظر "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٢٤٦ (طبعة مجمع دمشق).