للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخبروا ابنَ مطيع، فبعثَ ابنَه راشد بنَ إياس مكان أَبيه على الشُرطة.

وأقبل ابنُ الأشتر إلى المختار ليلةَ الأربعاء وقال: إنَا كنَّا قد أبعدنا الخروج من القابلة ليلة الخميس، وقد حدثَ أمر لا بدَّ من الخروج الليلة. وأخبره الخبر وقال: هذا رأسُ إياس بن مضارب، فقال له: بشَرك الله بخير. هذا أوَّلُ الفتح.

ثم أمر المختار سعيد بنَ منقذ، فأوقدَ هَرَادي (١) النيران وقال لعبد الله بن شدَّاد: قُم فنادِ: يَا منصور أَمِتْ. وقال لسفيان بن ليل (٢) ولقدامة بن مالك: نادِيا: يَا ثارات (٣) الحسين. ولبس سلاحه وخرج، وتقدَّمه ابنُ الأشتر إلى القبائل الذين كانوا في الجَبَابِين، فَدار عليهم، فهزمهم.

وركب ابنُ مطيع والقبائل، وقامت الحرب على ساق، ونزل المختار في أصحابه بدير هند.

ونادى أبو عثمان (٤): ألا إنَّ أمين آل محمَّد قد نزل بدير هند، فاخْرجُوا إليه رحمكم الله.

قال: فخرجوا من الدُّور يتداعَوْن: يَا لَثارات الحسين، وكان قد بايعه منهم اثنا عشر ألفًا، فلحق بهم منهم ثلاثة آلاف وخمس مئة (٥)، فاجتمعوا قبل انفجار الصبح، فأصبح المختار على تعبئة.

قال أبو مِخْنَف: فحُدِّثتُ عن الوالبي (٦) قال: خرجتُ أنا وحُميد بن مسلم والنعمان بن أبي الجعد إلى المختار في تلك الليلة، فصلى الفجر بغَلَس؛ قرأ فيها بالنازعات، وعبس وتولى، فواللهِ ما سمعْنا إمامًا أَمَّ قومًا أَفْصَحَ لهجةً منه.


(١) جمع هُرْديَّة، وهي الحُرْديَّة، وهي قصبات تُضَمّ ملويَّةً بِطاقاتِ الكرم تُحمل عليها قضبانُه. ينظر "تاج العروس" (هود) وتحرفت في (أ) إلى: هواري، وفي (خ) إلى: هوادي، والكلام ليس في (ص). والمثبت من "تاريخ" الطبري ٦/ ٢٠.
(٢) في النسخ: سفيان بن أبي ليلى، والتصويب من"تاريخ" الطبري ٦/ ٢٠.
(٣) في (أ) و (خ): فناد يَا ثارات. والمثبت من (ص). وفي "تاريخ الطبري" ٦/ ٢٠: فناد يَا لثارات.
(٤) هو النَّهدي؛ خرج فنادَى في شاكر وهم مجتمعون في دورهم يخافون أن يظهروا … ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٢٢.
(٥) في "تاريخ الطبري" ٦/ ٢٣: وثمان مئة. وكذا في "أنساب الأشراف" ٦/ ٥١ والكلام فيه بنحوه.
(٦) في "تاريخ الطبري": فحدَّثني الوالبي.