للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان إبراهيمُ يأتي كلَّ ليلة إلى المختار إلى أن يَبْهَارَّ الليل (١)؛ يدبَرُون أمرَهم، واتفقوا على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة خلت من ربيع الأول سنة ستّ وستين.

وأُخبِرَ إياسُ بنُ مضارب صاحبُ شرطةِ عبدِ الله بن مطيع بأنَّهم على الخروج في إحدى الليلتين، فأَخبرَ ابنَ مطيع بأنهم على الخروج (٢)، فاستعدَّ، وفرَّق القبائل، فبعثَ عبد الرَّحْمَن بنَ سعيد بن قيس إلى جَبَّانةِ السَّبِيع، وبعثَ كعبَ بنَ أبي كعب الخثعمي إلى جَبَّانَةِ بشر، وبعثَ زَحْر بنَ قيس إلى جَبَّانة كِنْدَة، وبعث شَمِر بن ذي الجَوْشَن إلى جَبَّانةِ سالم، وبعثَ شَبَثَ بنَ رِبْعيّ إلى السَّبَخَة، وفرَّق القبائل.

وكان خروجُ هؤلاء يومَ الاثنين، فنزلوا هذه الجَبَابِين، وأحاطت الشُّرَط بقصر الإمارة وفيه ابنُ مُطيع.

فحكى أبو مِخْنَف عن حُميد بنِ مسلم قال: خرجتُ مع إبراهيم بن الأشتر من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء في كتيبة نحو المئة، وعلينا الدُّرُوع قد كَفَرْنَاهَا بالأقبية (٣) ونحن متقلِّدُون السيوف، ليس معنا سلاح إلَّا السيوف، وكان إبراهيم فتًى حَدَثًا شجاعًا، فقال: واللهِ لأَمُرَّنَّ على جانب القصر، ولأُرْعِبَنَّ عدوَّنا، ولأُرِيَنَّهم هوانَهم علينا.

قال: وسِرْنا، فلما جاوَزْنا دار عَمْرِو بن حُريث لقينا إياس بن مضارب (٤) في الشُّرَط، فقال: مَنْ أنتم؟ فقال: أنا إبراهيم بن الأشتر. فقال له إياس: ما هذا الجمع معك، وقد بلغني أنك تمرّ كلَّ عشيَّة ها هنا؟ وما أنا بمفارقك حتَّى آتيَ بك الأمير. فقال له إبراهيم: خَلّ سبيلَنا. فقال: لا والله. وكان مع إياس رجل يقال له: أبو قَطَن، وبيده رمح، فدنا منه إبراهيم، وأخَذَ الرُّمح، وطعنَ إياسَ بنَ مُضارب في نحوه، فصَرَعَه، وقال لرجل من أصحابه: انزِلْ فاحتزَّ رأسَه. فنزل فاحتزَّ رأسه، وتفرَّق عنه أصحابُه.


(١) أي: ينتصف.
(٢) قوله: بأنهم على الخروج، من (أ). وفي هذا الموضع من (ص) سقط.
(٣) أي: غطَّيناها بالأقبية. والأقبية جمع قَبَاء، وهو الثوب يُلبس فوق الثياب.
(٤) من قوله: وأُخبر إياس بن مضارب … إلى هذا الموضع، سقط من (ص).