للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأحنف (١): قدمتُ على عمر، فاحْتَبَسَني عنده حَوْلًا، فقال: يا أحنف، قد بَلَوْتُك وخَبَرْتُك، فلم أرَ إلَّا خيرًا، ورأيتُ علانيتَك حسنةً، وأرجو أن تكونَ سريرتُك مثلَ علانيتك، فإنَّا كنَّا نتحدَّثُ أنَّما يُهلِكُ هذه الأمةَ كلُّ منافقٍ عليمِ اللسان.

[قال:] (٢) وكتبَ عمر إلى أبي موسى الأشعريّ: أمَّا بعد، فأُذَنْ للأحنف بن قيس وشاورْه، واسْمَعْ منه.

[قال:] (٣) وقال الحَسَن: ما رأيتُ شريف قوم كان أفضل من الأحنف.

[قال:] وقال الأحنف: إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافةُ الجواب.

[قال:] وتكلَّم الناسُ عند معاوية والأحنف ساكت، فقال معاوية: تكلَّم يا أبا بحر، فقال: أخافُ اللهَ إن كذبتُ، وأخافُكم إن صدقتُ (٤).

[قال هشام:] وأغلظ رجل للأحنف، فلمَّا وصلَ إلى نادي قومه؛ وقفَ وقال: إن كان عندك شيء آخر فقل، لئلا يسمعَك قومي، فيؤذوك.

[قال: وقال الأحنف: لست بحليم، ولكني أتحالم.

قال:] وكانت عامَّة صلاة الأحنف بالليل، وكان يضع المصباح قريبًا منه، ويضع أصبعه فيه، ثم يقول: حَسِّ، ثم يقول: يا أحنف، ما حملك على أن صنعتَ كذا فِي يوم كذا (٥)؟

وقيل له: إنك شيخ كبير، وإنَّ الصيام يُضعفُك، فقال: إني أُعِدُّه لشرّ طويل.

وكتب إليه عبد الملك بن مروان كتابًا يدعوه فيه إلى نفسه، فقال: يدعوني ابنُ الزرقاء إلى ولاية أهل الشام، واللهِ لوَدِدْتُ أنَّ بيني وبينهم جبلًا من نار، من أتانا منهم احترقَ فيه، ومن أتاهم منَّا احترق فيه (٦).


(١) فِي (ص) و (م): وفي رواية ابن سعد عن الأحنف قال … وهو فِي "الطبقات" ٩/ ٩٣.
(٢) المصدر السابق.
(٣) طبقات ابن سعد ٩/ ٩٤.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق.
(٦) أنساب الأشراف ١١/ ٤٢٧، وطبقات ابن سعد ٩/ ٩٥.