للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال كعب الأحبار: وجدتُ في بعض كتب الله المنزَّلة: يقول [الله تعالى]: أبشري أورى شلم، سوف أبعثُ إليك عبدي عبد الملك يبنيكِ ويزخرفُك، ولأَرُدَّنَّ إليك مُلكَك الأوَّل، ولأُكلِّلَنَّ الهيكل بالذهب والفضة واللؤلؤ والمَرْجان [يعني الصَخرة] ولأَضَعَنَّ عرشي عليك كما كان، إنني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي.

وفيها ولَّى عبدُ الملك طارقَ بن عَمرو مولى عثمان المدينةَ، فسار إليها، فغلب عليها، وأخرج منها طلحة بن عبد الله بن عوف عاملَ ابن الزبير، وأقام طارق واليًا عليها سنة، وقيل: خمسة أشهر. ثم أمرَه عبدُ الملك أن يخرج عنها فيقيمَ بين وادي القرى وبين أَيلة مَدَدًا لما يحتاجُ إليه عونًا على ابن الزبير، وبعث إليه ستة آلاف، فأقام حيثُ أمره، وعزلَه عن المدينة (١).

[وطارق هذا صاحب الواقعة مع سعيد بن المسيِّب]؛ قال عليّ بن الحسين (٢): ولَّى علينا عبدُ الملك بن مروان طارقًا مولى عثمان بن عفان، فقلتُ لسالم بن عبد الله بن عُمر وللقاسم بن محمد بن أبي بكر [الصِّدِّيق]، ولأبي سَلَمة بن عبد الرحمن بن عوف: اذهبوا بنا إلى هذا الرجل لنسلِّم عليه ندفعْ بذلك عن أنفسنا.

قال: فأتيناه، فرحَّبَ بنا، ثم قال: أيُّكم سعيدُ بنُ المسيِّب؛ فقال له القاسم بنُ محمد: إنه مشغول [بنفسه] وقد رفعت عنه الولاةُ إتيانَها، وقد ألزمَ نفسَه المسجد، فليس يخرج منه إلا لحاجته. فقال: أوَرَغب أن يأتيَني، واللهِ لأقتلنَّه. قالها ثلاثًا.

قال القاسم: فضاقَ بنا المجلس، وقمنا من عنده، فأتيتُ المسجد، وإذا سعيد قاعدٌ عند أسطوانة (٣)، فقلت له: [أرى] أن تخرج إلى مكةَ معتمرًا وتقيمَ بها. فقال: ما حضرتني نيَّةٌ في ذلك. قلت: فاخْرُجْ إلى بعض منازل إخوانك فأقمْ به. فقال: وكيف أصنعُ بهذا الداعي الَّذي يدعوني في اليوم خمس مرات؟! قلتُ: فأرى أن تقوم من مجلسك هذا. فقال: لا أقومُ من مكان قد وهب اللهُ لي فيه العافية منذ كذا وكذا سنةً.


(١) ينظر تفصيله في "أنساب الأشراف " ٦/ ٢١٨ - ٢١٩، و"تاريخ دمشق" ٨/ ٤٨٨ (مصورة دار البشير).
(٢) في (م): حدَّثنا غير واحد عن هبة الله بإسناده إلى علي بن الحسين قال …
(٣) في (أ): أسطوانته.