للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلم بُكير بنُ وِشاح، فأرسلَ إلى بَحِير بن وَرْقاء يسألُه الصُّلْح، فأبى عليه، وقال: ظنَّ بُكَير أنَّ خُراسانَ تبقى له في الجماعة!.

فدخل ضرار بنُ حصين على بَحِير بن وَرْقَاء وهو في السجن، فقال له: ألا أراك مائقًا (١)؟! يُرسِلُ إليك ابنُ عمِّك يعتذرُ إليك وأنتَ أسيرٌ في يديه ولا تقبلُ عذره! لو قَتَلَكَ كان ماذا؟! ما أنتَ بموفَّق، صالِحْهُ، واخرجْ وأنتَ على أمرك.

فأجابَ، وصالحَ بُكيرًا، وأرسل [بُكير] له مالًا على أن لا يُقاتلَه، وأخذَ عليه العهد (٢).

وأمَّا عبد الملك؛ فإنه لما قرأَ كتابَ أهلِ خُراسان، استدعى أميةَ بنَ عبد الله بن خالد بن أسيد، وقال: إن خُراسان ثَغْرُ المشرق، وقد كان به من الشَّرّ ما كان، وعليه هذا التميميّ (٣)، وقد اختلف [الناس] وأخاف أن يعودوا إلى ما كانوا عليه، وقد سألوني أن أُوَلِّيَ عليهم رجلًا من قُريش يَسمعوا له ويُطيعوا، فقال له أمية: فتَدارَكْهم يا أمير المؤمنين برجل منك، فقال: لولا انحيازُك عن أبي فُدَيك الخارجيّ لكنتَ ذاك الرجل -وكان أبو فُديك قد هزمَ أمية- فقال: واللهِ ما انحزتُ حتى خذلني أصحابي وهرب الناس، فأردتُ أن أنحاز إلى فئة، وقد كتب إليك خالد بن عبد الله بعذري.

فولَّاه خُراسان، فقال الناس: ما رأينا أحدًا عُوِّضَ من هزيمةٍ ما عُوِّضَ أُميَّة، فرَّ من أبيِ فُدَيك، فاستُعمل على خُراسان.

ولما قَرُب أمية من خُراسان أنشدَ رجل من بكر بن وائل في مجلس (٤) بُكير بن وشاح:

أتتك العِيسُ تنفُخ في بُراها … تَكَشَّفُ عن مناكبها القُطوعُ


(١) أي: غضبانَ متغيِّظًا.
(٢) بنحوه في "تاريخ" الطبري ٦/ ١٩٩ - ٢٠٠. ولفظة "بكير" بين حاصرتين منه.
(٣) يعني بُكير بن وِشاح.
(٤) في "تاريخ" الطبري ٦/ ٢٠٠: محبس.