للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبلغ خالدَ بنَ عبد الله بن أسيد، ذهب إلى الناس كتابًا يخوِّفُهم اللهَ تعالى، وسطواتِ عبد الملك، ويحثُّهم على جهاد الخوارج، ويقول في آخره: وواللهِ لا أقعُ بعد كتابي هذا على عاصٍ إلا قتلتُه.

فلم يلتفتوا إلى كتابه، وسار زَحْرُ بنُ قيس وإسحاق ومحمد إلى الكوفة، وكان عليها عَمرُو بنُ حُرَيث خليفة بِشر، فنزلوا قريبًا منها، وكتبوا إلى عَمرو بنِ حُرَيث: أما بعد، فإنَّ الناس لمَّا بلغَهم وفاةُ بِشر تفرَّقوا، ولم يبق معنا أحد، فأقبَلْنا إلى مِصْرِنا، وأحبَبْنا أن لا نَدخل إلا بإذنٍ منك. والسلام.

فكتب إليهم: أما بعد، فإنَّكم تركتُم مركزكم (١)، وأقبلتُم عاصين مخالفين، وليس لكم عندي إذن. والسلام.

فأقاموا إلى الليل، ثم دخلوا إلى بيوتهم، فلم يزالوا مقيمين حتى دخلَ الحجَّاجُ الكوفة (٢).

وفيها عزل عبدُ الملك بُكيرَ بنَ وشاح عن خُراسان، وولَّاها أميةَ بن عبد الله بن خالد بن أسيد.

وكان السببُ في عزل بُكير بعد أن أقام واليًا على خراسان ثلاث سنين (٣)، وكان بُكير قد حبس (٤) بَحِير بنَ وَرْقاء (٥) خوفًا من الفتنة منذ قُتل عبدُ الله بنُ خازم، فلم يزل محبوسًا إلى هذه السنة، وكانت البطونُ قد اختلفت بخُراسان والقبائلُ، فصار بعضُهم مع بُكير، وبعضُهم مع بَحِير، فخاف أهلُ خُراسان من الفتنة وفساد البلاد، فكتبوا إلى عبد الملك: إن خُراسان لا تصلح إلا لرجل من قريش، لا من تميم.


(١) في المصدر السابق: مكتبكم. وفي حاشيته: أمكنتكم (نسخة).
(٢) ينظر ما سلف مطولًا في "تاريخ" الطبري ٦/ ١٩٦ - ١٩٨. وجاء بعده في (خ) ما صورته: آخر الجزء. يتلوه الجزء السادس: وفيها عزل عبد الملك بكير بن وشاح عن خراسان، وولاها أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد وكان السبب … كتبه علي بن عيسى الحبري غفر الله له ولوالديه.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٦/ ١٩٩: سنتين.
(٤) كذا وقع سياق الكلام. فقولُه: وكان بُكير قد حبس … الخ شروعٌ في ذكر السبب وليس خبر "كان" أول الكلام.
(٥) كذا هنا وفيما سلف ص ٢٣ (ترجمة ابن خازم- سنة ٧١). وهو بَحِيرُ بنُ وقاء. ينظر "توضيح المشتبه" ٩/ ١٩٢.