للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى ابن سعد عن الواقدي] قال أبو سعيد: عُرِضْتُ يومَ أُحُد على النبيِّ وأنا ابنُ ثلاثَ عَشْرَةَ سنةً، فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول: يا رسول الله، إنَّه عَبْلُ العِظام، وإن كان مُودَنًا (١). وجعلَ رسولُ الله يُصعِّدُ فيَّ ويصوِّب، ثم قال: "رُدَّه". فَردَّه.

[وقال الواقدي:] وأوَّلُ مغازيه غزوةُ بني المصطلق؛ خرج فيها مع رسول الله وهو ابن خمس عشرةَ سنة.

[قال:] وشهد الخندق وما بعدها [من المشاهد] مع رسول الله (٢).

[وقد ذكرنا في غزاة أُحد رَدّ النبي له ولغيره].

وكان أبيض الرأس واللحية، ويُحفي شاربَه، ويأتزرُ إلى أنصاف ساقيه، ويلبسُ الخَزّ (٣).

[وقد حكَينا عنه أنه يوم الحَرَّة دخل غارًا، فدخل رجل من أهل الشام خلفه ليقتله، فلما قال له: أنا أبو سعيد خرج وتركه.

وحكى ابن سعد عن الواقدي، عن يعقوب بن محمَّد، عن هند بنت سعيد بن أبي سعيد (عن أبيها، عن أبي سعيد) قال: لزمتُ بيتي لياليَ الحرَّة، فلم أخرج، فدخل عليَّ نفرٌ من أهل الشام، فقالوا: أيُّها الشيخ، أَخْرِجْ ما عندك. فقلتُ: واللهِ ما عندي مال. قال: فنتفُوا لحيتي وضربوني، ثم نقلوا من بيتي ما خفَّ لهم من المتاع، حتى إنهم عمدوا إلى وسادة وفراش، فنفضوا ما كان فيهما من الصوف، وأخذوها، وأخذ واحد منهم زوج حمام كان في البيت، وخرجوا (٤).

وذكره ابن عبد البر فقال:] وكان من الحُفَّاظ المكثرين، والعلماء العقلاء الفضلاء [وأخباره تشهدُ له بتصحيح هذه الجملة، وأول مشاهده الخندق، وغزا مع رسول الله اثنتي عشرة غزوة. وحفظ عن رسول الله شيئًا كثيرًا، وروى عنه علمًا جمًّا (٥).


(١) العَبْلُ: الضَّخْمِ من كلّ شيء، والمُودَن: القصير العُنق والألواح واليَدَين.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق ٥/ ٣٥٤.
(٤) طبقات ابن سعد ٥/ ٣٥٤ - ٣٥٥، وما سلف بين قوسين عاديين منه.
(٥) بنحوه في "الاستيعاب" ص ٢٨٦. وكل ما سلف بين حاصرتين من (ص).