للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر وفاته :

[روى ابن سعد عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: اللهمَّ لا تَجْعَلْ منيَّتي بمكة. كأنه كره أن يموت في الأرض التي هاجر منها. وقد تقدَّم هذا في ترجمة سعد بن أبي وقَّاص وسعد بن حولة.

وقال ابن سعد بإسناده إلى عطيَّة العَوْفي قال: سألتُ مولًى لعبد الله بن عمر عن موته فقال:] كان أصابه رجل من أهل الشام بِزُجٍّ (١) في رِجْلهِ، فأتاه الحجَّاج يعودُه، فقال: لو أعلمُ الذي أصابَك لضربتُ عنقه. فقال عبد الله : أنتَ أصبتني. قال: وكيف؟ قال: يومَ أدخلتَ حَرَمَ اللهِ السلاحَ.

[وفي رواية ابن سعد:] فلما خرجَ الحجَّاج من عنده قال : ما آسَى من الدنيا على شيء إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وألا أكون قاتلتُ هذه الفئةَ الباغيةَ التي حلَّتْ بنا (٢).

وقال الزبير بن بكَّار: لمَّا كتب ابنُ عمر إلى عبد الملك ببيعته إيَّاه؛ كتبَ عبدُ الملك إلى الحجَّاج: لا تخالف ابنَ عمر في المناسك. وكان ابن عمر يقف في الموقف الذي شهد فيه رسول الله في حَجَّة الوَداع، فأخَّر الحجَّاجُ الوقوف، فمرَّ ابنُ عمر على سُرادق الحَجَّاج [فصاح به، فخرج في مُعَصْفَرةٍ، وقال: أمهلني حتى أصُبَّ عليَّ ماءً. فقال: عَجِّلْ. فاغتسل الحجَّاج] وجاء فوقف عند ابنِ عمر، ثم أمرَ رجلًا من أصحابه بيده حَرْبةٌ مسمومةٌ أن يَنْخَسَ ابنَ عمر، فنَخَسه، فلصقَتْ رِجْلُه بالرِّكاب، فمرضَ أيامًا ثم مات. وكان ابن عمر قد ثَقُلَ على الحجَّاج (٣).

[قال: وكان ابنُ عمر على نَجيبة، فلما أصابه الزُّجُّ سأل الدم، فقال له ابنُه سالم: ما هذا الدَّمُ الذي يسيلُ على كتف النَّجِيب؟ قال: ما شعرتُ به. ثُم نزع رجله من الغرز وقد لزقت قدمُه بالغرز، فقال: ما شعرتُ بما أصابني.


(١) الزُّجُّ: الحديدة التي في أسفل الرُّمح.
(٢) الروايتان في "طبقات ابن سعد" ٤/ ١٧٣.
(٣) جمهرة نسب قريش ٢/ ٧٨٦ - ٧٨٧، وتاريخ دمشق ٣٧/ ٤٢ - ٤٣. وينظر "طبقات" ابن سعد ٤/ ١٧٥. وكلُّ ما سلف بين حاصرتين من (ص) و (م).