للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أقام شهرًا لا يذكرها (١)، ثم ذكرها، فردَّ عليه ابنُ الجارود، فقام مصقَلَة (٢) بن كرب بن رَقَبة العبدي -وهو أبو رَقَبة بن مَصقَلَة (٣) المحدث- فقال: إنه ليس للرعيَّة أنْ تَرُدَّ على راعيها، وسمعًا لما قال الأمير وطاعةً. فصاح ابن الجارود: يا ابن الجرمقانيَّة، وما أنتَ وهذا؟! ومتى كان مثلكم يتكلَّم؟!

ثم اتفق وجوهُ أهلِ البصرة على قتال الحجَّاج، وقدَّموا عليهم ابنَ الجارود، منهم الهُذيل بنُ عمران البُرْجُميّ، وعبدُ الله بن حكيم المجاشعيّ، وتحالفوا على إخراج الحجَّاج من البصرة والعراق، ومكاتبةِ عبد الملك أن يولِّيَ عليهم غيرَه، فإنْ أَبَى خلعوه وحاربوه.

ثم اجتمعوا، ورتَّبَ ابنُ الجارود عبد القيس على راياتهم، ومال الناس إليه، وانفرد الحجَّاج في خواصِّه وأهلِ الكوفة، وقطع ابن الجارود الجسر، وكانت خزائنُ الحجَّاج وأموالُه من ورائه، فغلبوا عليها وعلى السلاح، فأرسل الحجَّاج أعين، صاحبَ حمَّام أعين -[قال ابن الكلبي:] وهو مولى بشر بن مروان، وقيل: مولى سعد بن أبي وقاص- إلى ابنِ الجارود، فقال: أجب الأمير، فقال ابنُ الجارود: لعن الله مَنْ ذكرتَ ومن بعثَه إلينا، ليخرج ابنُ أبي رِغال عبدُ ثقيف عنَّا مذمومًا مدحورًا، وإلا قتلناه. فأغلظَ له أعين، فقال ابن الجارود: يا ابن الخبيثة، لولا أنك رسولٌ لقتلتُك، ثم أمر به فُوجئت عنقُه، وطردَه (٤).

وجاءت (٥) قيس، فانتهبَتْ متاعَ الحجَّاج كلَّه، وسُرادقَه، ودوابَّه، وجاءت اليمانية، فاحتملوا امرأةَ الحجَّاج بنتَ النعمان بن بشير الأنصاري، وجاءت مُضَر، فاحتملوا امرأتَه الأخرى أمَّ سلمة بنتَ عبد الرحمن بن عَمرو بن سهل -ويقال: بنت عبد الرحمن بن عمرو بن سهل بن عمرو، فحصَّنوهما مخافةَ السفهاء. [وتزوَّجَ الوليد بن عبد الملك


(١) في "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٩٨: ومكث أشهرًا لا يذكر الزيادة.
(٢) في النسخ الخطية (غير م): رقبة. والمثبت من "أنساب الأشراف".
(٣) في بعض النسخ: أبو مصقلة بن رقبة، غير (ص) ففيها: أبو مصقلة. وسقط الكلام من البعض الآخر.
(٤) أنساب الأشراف ٦/ ٣٩٩ - ٤٠٠. وينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٢١٠ - ٢١١.
(٥) في (أ) و (ب) و (د): وحكمت، وفي (ص): وحملت، والمثبت من (خ).