للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما طلع الصبح جاء المهلَّب يطلب عبد الرحمن، فوجَده قتيلًا بين أصحابه، فصلَّى عليه ودفنَه، وكتب إلى الحجَّاج يخبره.

فبعث الحجَّاج إلى عبد الملك، فوافاه كتابُه بمنى وقد حجَّ بالناس في هذه السنة، فخطبَ، وترحَّم على عبد الرحمن، وذمَّ أهلَ الكوفة (١).

وقال حُميد بن مسلم يرثي عبد الرحمن:

إنْ يقتُلُوكَ أبا حكيمٍ غِرَّةً (٢) … فلقد تَشُدُّ وتقتلُ الأبطالا

أو يُثْكِلُونا سَيِّدًا لِمُسَوَّدٍ … سَمْحَ الخليقةِ ماجدًا مِفْضالا

فلَمِثْلُ قَتْلِكَ هَدَّ قومَكَ كلَّهم … مَنْ كان يحملُ عنهم الأثقالا

مَنْ كان يكشفُ غَمَّهم (٣) وقتالهم (٤) … يومًا إذا كانَ الضِّرابُ نِزَالا

أقسمتُ ما نِيلَتْ مَقَاتِلُ نَفْسِهِ … حتى تَدَرَّعَ من دَمٍ سِرْبَالا

وتكشَّفَتْ عنه الصفوفُ وخَيلُهُ … فهناك نالتْهُ الرِّماحُ فَمَالا

من أبيات.

وقال سُراقة بنُ مِرْداس البارقي:

ثَوَى سَيِّدُ الأزْدَيْنِ أَزْد شَنُوءةٍ … وأزد عُمانَ رَهْنَ رَمْسٍ بكازِرِ

وضارَبَ حتى ماتَ أكْرَمَ مِيتةٍ .. بأبيضَ صافٍ كالعقيقةِ باترِ

وصُرِّعَ حول التَّلّ (٥) تحت لوائِهِ … كِرامُ المساعي من كِرَامِ المعاشرِ

قَضَى نَحْبَهُ يومَ اللقاءِ ابنُ مِخْنَفٍ … وأدبرَ عنه كلُّ ألْوَثَ داثرِ

أمدَّ ولم يُمْدَدْ فَرَاحَ مُشمِّرًا … إلى الله لم يذهبْ بأثوابِ غادرِ

وبعث الحجَّاج على عسكر الكوفة بعد عبد الرحمن عتَّاب بن وَرْقاء، فلم يَطِبْ له حُكْمُ المهلَّب عليه، وجرى بينَهما الكلام؛ نال منه المهلَّبُ فيه، وقال: يا ابنَ


(١) ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٢١٢ - ٢١٣.
(٢) في "تاريخ" الطبري: غدوة.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٦/ ٢١٤: غُرْمَهُم.
(٤) في (خ): وقتالنا. وفي (أ) و (ب) و (د): وقتالًا. وليس في (ص) و (م). والمثبت من "تاريخ" الطبري ٦/ ٢١٤.
(٥) في النسخ (غير ص وم فليس فيها): وصرّح حول الليل. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٦/ ٢١٤.