للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّخْنَاء (١). وردَّ على المهلَّب، فرفع المهلَّبُ القضيب عليه، وأراد أن يضربه، فقبضَ المغيرةُ بنُ المهلَّب على أبيه (٢) وقال: إنه شريف من أشراف العرب، وشيخٌ من شيوخهم، تفعلُ به كذا! احْتَمِلْه، فأنتَ أهلٌ لذلك. ففعل.

وبلغ الحجَّاجَ، فكتبَ إلى عتَّاب بن ورقاء يأمرُه أن يلحقَ به، ويُضيف جيش الكوفة إلى المهلَّب، ففعل (٣).

وفيها بنى الحجَّاجُ واسطًا؛ شَرعَ فيها في هذه السنة، وفرغَ منها سنة ثمان وسبعين.

[وقال الطبري: إنما بناها في سنة ثلاث وثمانين. وهو وهم].

[قال الأصمعي:] مرَّ الحجَّاج بدَيرٍ عند مكان [يقال له:] واسط [القصب، وقيل: واسط القصب غيرها]، فنزل عند الدَّير، وإذا براهب قد أقبلَ راكبًا على حمار، فلما وصلَ إلى موضعها بال الحمار، فنزل الراهب، فجمع البول من مكانه ورمَى به في دجلة، فدعا به الحجَّاج، فسأله عمَّا فعل، فقال: إنَّا وجدنا في كتبنا أنه يُبْنَى ها هنا مسجد يُعبد اللهُ فيه ما دام في الأوض أحد. فشرعَ الحجَّاج في بنائها (٤)!

وقيل: إنما بناها لتكون بين الكوفة والبصرة، فلا تنقطعُ عنه أخبار المِصْرينِ.

[وسنذكرها في سنة ٧٧].

وفيها ضرب عبدُ الملك على الدينار والدرهم اسمَ الله تعالى.

[قال الهيثم:] وسببُه أنه وجد دراهم ودنانير تاريخُها قبل الإسلام بأربع مئة سنة مكتوب عليها: بسم الأب والابن وروح القدس، فسبَكَها، ونَقَشَ عليها اسم الله تعالى، وآياتٍ من القرآن، واسم رسول الله ﷺ.

[واختلفوا في صورة ما كتب على أقوال:]


(١) هو من شتم العرب، كَأنهم يقولون: يا دنيء الأصل، أو: يا لئيم الأمّ. (من هامش "القاموس" نقلًا عن الراغب).
(٢) في "تاريخ" الطبري ٦/ ٢١٣: فقبض على القضيب.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٣٨٣ - ٣٨٤، و"الكامل في "التاريخ" ٤/ ٤٩٥ - ٤٩٦.