للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن الكلبيّ: كان يزيد بن نُعيم سَبَى سبايا من الروم، وكان فيهم جارية حسناء، فوقعَ عليها، فولَدَتْ شبيبًا في سمنة خمس وعشرين في أيام عثمان بن عفَّان رضوان الله عليه في يوم النحر، فقال أبوه: إنا لله، وُلد في يومٍ تُهراقُ فيه الدماء، سيكون صاحبَ دماء.

[قال البلاذري: واسم أمه جهيرة] (١) وأسم امرأته غزالة، وكان أبوه قد انتقل من الكوفة، فنزل الموصل.

وكان شبيب صاحبَ فتك وغارات على الأكراد، فسمع يومًا قارئًا يقرأ: ﴿وَمَاذَا عَلَيهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ﴾ لآيات، فوقعَ في قلبه الخوف والزُّهد فتنسَّك، وتعبَّد، وأتى الكوفة، فسأل عن أعبد الناس، فدُلَّ على صالح [بن مُسرّح- كان يرى رأي الخوارجِ الصُّفْرية] فأقامَ عنده، وسمع قولَه، ووافقه على رأيه، ثم خرج صالح إلى الجزيرة، وخرجَ معه شبيب، فأقام صالح بنَصِيبِين ودَارَا (٢).

وجاء شبيب إلى عبد الملك، فطلب منه ديوانه، فتهدَّده، ولم يعطه شيئًا (٣)، فعاد إلى صالح، فأقام معه وبايعه، وخرجوا بعد ذلك.

وكان على المدينة أبان بن عثمان [وكان عبد الملك قد ولَّى يحيى بن الحكم المدينة. قال أبو معشر: فوفد يحيى على عبده الملك بغير إذن منه، فقال: من استخلفتَ على المدينة؟ قال: أبان بن عثمان. قال: لا جرم لا ترجعُ إليها. وأقرَّ أبانًا على المدينة] وعلى قضاء الكوفة شُريح، وعلى العراق الحَجَّاج، وعلى خُراسان أمية بن عبده الله، وعلى قضاء البصرة زرارة بن أوفى (٤).


(١) أنساب الأشراف ٦/ ٥٧٨. وما بين حاصرتين من (ص).
(٢) ينظر "أنساب الأشراف" ٦/ ٥٧٧ - ٥٧٩.
(٣) جاء في "أنساب الأشراف" ٦/ ٥٧٩ أن اسم شبيب سقط من الديوان لكثرة تغيّبه … فكلّم الناسُ عبدَ اللك في الفكّ عن اسمه وإدرار أرزاقه عليه فأبى.
(٤) ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٢٠٩ - ٢١٠. وما سلف بن حاصرتين من (ص).