للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال ابن الكلبي.] مر بليلى زوجُها على قبر تَوْبةَ، فقالت: أنزلني. قال: ولمَ؟ فقالت: لِأُكذِّبه، أليس هو القائل:

ولَو أنَّ نيلى الأخيليَةَ سلمت … عليَّ وفوقي جَنْدَل (١) وصفائحُ

سلَّمْتَ تسليمَ البشاشة أو زقَا … إليها صَدىً (٢) من جانبِ القبرِ صائحُ

وإذا قد خرج من قبره طائر! فضرب صدرها، فماتت، فدُفنت إلى جانبه.

وهذان البيتان من [أربعة أبيات من] أبيات العرب، وهي:

وأُغْبَطُ من ليلى بما لا أَنالُه … ألا كلُّ ما قَرَّتْ به العينُ صالحُ (٣)

ولَوْ أنَّ ليلى في السماء لصَعَّدَتْ … بطرفِي إلى ليلى العيونُ اللوامحُ (٤)

وله (٥):

لا تغزوَنَّ الدَّهْرَ آلَ مُطَرِّفٍ … لا ظالمًا يومًا ولا مظلومًا

قوم رِباطُ الخيلِ وَسْطَ بيوتهِم … وأسِنَّة زُرْق يُخَلْنَ نُجوما

ومُخَرَّقٌ عنه القميصُ تَخالُهُ … وَسْطَ البيوتِ من الحياء سقيما

حتى إذا رُفِعَ اللواءُ رأيتَهُ … تحتَ اللِّواءِ على الخميسِ زعيما

ولقال: إنه نَبَتَتْ على قبريهما شجرتان، وطالتا، فالتفَّتا (٦)!


(١) كذا في "تاريخ دمشق" ص ٣٤٠، وفيه أيضًا رواية: وفوقي تربة. وفي "الأمالي" ١/ ٨٧: ودوني جندل، وفي "الأغاني" ١١/ ٢٤٤: ودوني تُربة.
(٢) زَقَا، أي: صاح. والصَّدَى: طائر يزعم الجاهليُّون أنه يخرج من رأس القَتِيل. وهو من الحُرافات كما في هذا الخبر.
(٣) ذكر الميداني في "مجمع الأمثال" ٢/ ١٧١ من المولَّد: كلُّ ما قرَّتْ به العينُ صالحٌ. وذكر العسكري في "جمهرة الأمثال" ٢/ ١١٩ قولهم: قِلَّةُ ما قرَّت به العينُ صالح.
(٤) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): اللوافح، وفي (ص): الهواجع، وفي (م): الطوامح. والمثبت من "المحاسن والأضداد" ص ٩٥، و"الشعر والشعراء" ١/ ٤٤٦، وفيهما: لأصعدت، بدل: لصعَّدت.
(٥) كذا في (أ) و (ب) و (خ) و (د): والكلام ليس في (ص) و (م)، ولعل الصواب: ولها، فالأبيات لليلى الأخيلية، كما في "الأمالي" ١/ ٢٤٨، و"شرح الحماسة" للمرزوقي ٤/ ١٦٠٩.
(٦) ينظر ما ذكر أبو الفرج الأصبهاني أنه الصحيح في خبر وفاتها في "الأغاني" ١١١/ ٢٤٤.