للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعراب فأنكى فيهم، ثم عاد إلى طَفّ الفُرات، ووصل إلى الأنبار وقطع الفرات (١)، ووصل إلى دِجلة فعبرها، ومضى على دَقُوقاء إلى أذربيجان.

ولما بلغ الحجاج (٢) ارتفاعُ شبيب إلى أذربيجان سار إلى البصرة، واستخلف على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة، فبينا هو كذلك جاءه كتاب مَهرُوذ؛ دهقان بابل، يُخبره أنه بلغه أن شبيبًا قد عاد يريد الكوفة.

وجاء شبيب فنزل خانيجار، فأرسل عروة إلى الحجاج يُخبره وهو بالبَصرة، فأقبل مسرعًا حتى دخل الكوفة.

وجاء شبيب إلى دجلة، إلى قرية من أعمال دُجَيل يقال لها: حَرْبَى، فقال: ما اسمُ هذه [القرية]؟ قالوا: حَرْبَى، فتطيَّر أصحابه منها، فعَبر من عندها وقال: حَرْبٌ لنا على أعدائنا، وإنما يتطيَّر مَن يَقوف وَيعيف.

ثم أقبل حتى نزل العَقْر، فقال له سُويد بن سليم: لا تنزل ها هنا؛ فهذان اسمان مَشؤومان، فقال شبيب: الشُّؤم والعَقْرُ لأعدائنا لا لنا، ولم يعلم شَبيب أن الحجاج قد دخل الكوفة، فقال لأصحابه: إن الحجّاج بالبصرة، وليس دون الكوفة مانع، فسيروا بنا إليها.

وكان الحجّاج قد طوى المنازل، فوصل إلى الكوفة الظهر، ونزل شبيب السَّبْخَة وقتَ المغرب، فصلى المغرب والعشاء، وركب في أصحابه، وهجم الكوفة، وجاء إلى باب القَصْر والحجاج فيه، فضربه بالعمود ضربة أثّرت فيه، ثم اقتحموا المسجد الأعظم، فقتلوا جماعة من المصلين، وعاثوا في أسواق الكوفة ليلًا، وقتلوا مَن قدروا عليه، وعادوا إلى السَّبْخة، وهذه روايات هشام.

وأما أبو اليقظان فإنه قال: دخل شبيب الكوفة في مئة وخمسين رجلًا، وفي الكوفة ثلاثون ألف مقاتل، فجاء إلى باب القصر، فضربه بعموده، فكاد أن يخسفه، والحجاج فيه، ونادى (٣) شبيب الحجَّاج: يا مَلعون، يا عبد بني ثَقيف، يا بقايا قوم ثمود، يا ابن


(١) في (ص): البراري.
(٢) في (ص): وأما الحجاج فلما بلغه.
(٣) من قوله: ثم اقتحموا المسجد الأعظم … إلى هنا من (ص).