للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي رِغال، لعنك الله، ولعن ابن مَروان الفاسق معك، وَيلك، كم أقتلُ الرجال، وأنهب الأموال، وأسبي النساء، ومعي نَفرٌ يسير، ثم أنت الحاكم على العراقَين، وجُندك مئة ألف، اخرج إلي وأرح الناس مما هم فيه، إلى كم تختفي خلفَ الجدران مثل النساء الغوازل، أبْرُز إليَّ حتى أُذيقَك كأسًا مُرَّة.

وكانت امرأتُه غزالة قد نذرت أنها تُصلّي ركعتين بجامع الكوفة، فوقف شبيب على باب الجامع، ودخلت غَزالة فصَلّت ركعتين قرأت فيهما سورة البقرة وآل عمران، والحجّاج يُنادي من فوق القصر: يا خيلَ الله اركبي.

وذكر جدّي في كتاب "تقويم اللسان" وقال: كان للحجاج عبد أو غلام يُشبهه، فلما اشتد عليه أمرُ شَبيب وحصره بالقصر بالكوفة، أمر ذلك الغلام -وكان شجاعًا- فلبس ثيابَ الحجاج وسلاحَه، وركب فرسَه، وصاح في الجند فجمعهم وخرج، فقال الناس: قد خرج الحجاج، فأقبل شبيب وقال: أين الحجّاج، فأومؤوا إليه، فحمل عليه حتى ضربه بالعمود على رأسه، فلما أحسَّ بوقعه قال: أخ، بالخاء المعجمة، فانصرف شبيب وقال: قَبّحك الله يا ابن أم الحجّاج، اتقى الناس بالعبيد، وفي رواية: أتَّقى الأحرارُ بالعبيد -أشار شبيب إلى أن أخ بالخاء المعجمة ليس من كلام العرب، فإن العرب تقول عند الحزم ولَذع الحرارة المُمِضّة: أح بالحاء المهملة، والعامّة تقوله بالخاء المعجمة (١).

وأخرج له الحجاج عَبيدًا وهو يقتلهم، ثم بعث الحجاج جماعةً من فرسان الكوفة إلى شبيب، فخرج إليه زَحْر بن قيس في ثلاثة آلاف، فعطف عليهم شبيب فبدَّد جمعَهم، وجُرح زَحْر في رأسه عدَّةَ جراحات، ورجع إلى الكوفة ماشيًا مُثْخَنًا.

ونزل شبيب الفرات والحجّاج يُجَهّز إليه الجيوش، وهو يهزمها وهم ألوف، وهو في أصحابه مئةً وخمسين رجلًا، وبعث إليه الحجاج محمد بن موسى بن طلحة (٢) بن عبد الله التَّيمي فقتله، وبعث إليه زائدة بن قدامة فقتله، وعدة من الفرسان، ويقال: إن الحجاج جهز إليه في هذه السنة سبعين جيشًا وهو يهزمهم، منهم أَعْيَن صاحب حمام


(١) من قوله: أشار شبيب … إلى هنا ليس في (ص).
(٢) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): موسى بن محمد بن طلحة، والمثبت من (ص). وانظر الطبري ٦/ ٢٤٢.