للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعين، مولى بشر بن مروان في ألف، وبُسْر بن غالب الأسدي في ألف، وسنذكر محمد بن موسى بن طلحة في آخر السنة. وبعث جماعة من أَعيان الكوفة.

وأتى شبيب المَرْدَمَة (١)، فلقي جماعة بها فقتلهم، منهم: ناجية بن مَرْثَد الحَضرميّ وكان على العُشور، ووَجَّه الحجَّاج زَخر بن قيس وهو مجروح في ألف وثمان مئة فارس، وبلغ السَّيلحين، فعطف (٢) عليه شبيب وقاتله، فترَجَّل زَحْر وقاتله حتى ارتُثّ، وانهزم أصحابُه، وبقي بين القتلى طَريحًا، فحُمل إلى الكوفة وهو مُثخَن.

ونزل شبيب طَفَّ الفُرات، فقال له أصحابه: قد أفنيناهم وقتلنا أمراءهم ودخلنا الكوفة؛ فارجِعْ بنا، فقال: ذلك أرْعَبُ لمن بقي منهم، وقد خلت الكوفة، ولم يَبْقَ بها سوى الحجّاج، فاقصدوا إليه، وقد حكمتم على العراق.

وكان جماعة من أصحاب الحجاج قد أخذوا طريقًا غير الذي قصد شبيب إليه إلى الكوفة، وبلغ الحجاج أن شبيبًا يقصده من غير ناحية الأمراء، فبعث إليهم يُخبرهم بقصده إياه -وكان عليهم زائدة بن قدامة- وعلم بهم شبيب فقصدهم؛ وقد عبّأ زائدة أصحابه، فجعل على ميمنته زياد بن عَمرو العَتَكي، وعلى ميسرته بِشر بن غالب الأسديّ.

وجاء شبيب على فرس كُمَيت أغرّ، وهناك تلّ، فصعِد وحده، وأشرف على العسكر، وعاد إلى أصحابه، وأقبل وقد كتَّبهم ثلاث كتائب، فجعل سُويد [بنَ سُليم] في ميمنته، ومَصادًا أخاه في ميسرته، ووقف هو في القلب في كتيبة، وخرج زائدة بن قُدامة يسير بين الصُّفوف يُحرِّض الناس ويقول:

يا عباد الله أنتم الكثيرون الطيِّبون، وقد نزل بكم القليلون الخبيثون، وإنما جاؤوكم ليُهريقوا دماءكم، ويأخذوا أموالكم، ويَسبوا ذَراريكم ونساءَكم، غُضُّوا أبصارَكم، واستقبلوهم بالأسنّة، ولا تحملوا عليهم حتى آمُركم، ثم عاد إلى موقفه.


(١) في (ص): وخرج شبيب من الكوفة فأتى المردمة.
(٢) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): فقطع، والمثبت من (ص).