المزني، ويزيد بن أبي زياد مولاه وصاحبَ حَرَسِه، فلما صاروا في يدي شبيب سَرّح إليه أصحابه، فأقاموا يتناظرون أيامًا، والرسل تتردّد بينه وبين شبيب.
وكان مُطَرِّف نازلًا بالمدينة العَتيقة التي فيها مَنزِل كسرى والقصر الأبيض، وشبيب نازلٌ بهرسير المدينة الغربيّة، فكان من جملة الرّسالة إلى مُطَرِّف أنهم لما دخلوا عليه قال سُويد: السلام على مَن خاف مقام ربّه، ونهى النَّفْس عن الهوى، وعرف الحقَّ وأهلَه، فقال مُطَرِّف: أجل، فسَقَم الله على أولئك، ثم جلسوا، فقال لهم مُطَرِّف: أخبروني إلامَ تَدعون؟ فقال سويد: إلى كتاب الله وسنّة رسوله ﷺ، وإنا نقمنا (١) على الظَّلَمة تَعطيل الحدود، والاستئثار بالفيء، فقال مُطَرِّف: ما دعوتُم إلا إلى الحق، وأنا مُتابعٌ لكم على ذلك، فبايعوني على ما أدعوكم إليه، فقال: قُل، قال: نقاتل هؤلاء الظَّلمة العاصين، وندعوهم إلى ما ذكرتَ، وأن نجعل هذا الأمر شورى بين المسلمين، يُولُّون مَن يختارون؟ ممن يكون على الحال التي كان عليها عمر بن الخطاب، فإذا وافقتموني على ذلك صارت كلمتنا واحدة، وأمرنا واحدًا، وتَبعتنا العرب، فكثر أتباعُنا، فقالوا: لا نرضى بهذا وقاموا، فلما صاروا في آخر الصُّفَّة التفت إليه سُويد وقال: يا ابن المغيرة، لو كنّا قومًا غُدُرًا أليس قد أمكنتَنا من نفسك، وكانوا جماعةً عليهم السلاح، ومُطَرّف عنده اثنان بغير سلاح، ففَطِن مُطَرِّف وقال: صدقتَ والله.
وانصرفوا إلى شَبيب فأخبروه بما جَرى بينهم وبين مُطَرِّف، فأعاد إليه القومُ رسائلَ وشُبَه قَرَّرت في نفسِ مُطَرّف مذهبَ الخوارج؛ حتى خرج في هذه السنة فقُتل، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
وبلغ شبيبًا وصولُ جُند الشام وأن عتّاب بنَ وَرْقاء بحمّام أَعْيَن، فقال لأصحابه: سيروا بنا إليهم؛ فإن هذا الثَّقَفيّ -يعني مُطَرف بن المغيرة- قد ثبَّطني عن المسير إليهم، وقد نزل جيش أهل الشام بالكوفة، وقد سار عَتّاب بن وَرْقاء فنزل الصَّراة في جُند أهل الكوفة، فاقصدوه.
(١) في (أ) و (د): نقمت، وفي (خ) و (ب): نقمة، والمثبت من الطبري ٦/ ٢٨٧.