للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج مطرّف من المدائن، وقصد الجال (١) خوفًا من الحجاج.

فعقد شبيب الجسر وبعث على المدائن أخاه مَصَادًا، وكان أهل الكوفة في أربعين ألفًا من المقاتلة، وعشرة آلاف من الشام، فصاروا خمسين ألفًا، ولم يُبْقِ الحجاج بالكوفة قُرشيًّا ولا رجلًا من أهل الشَّرف إلا أخرجه.

ثم إن شَبيبًا عرض أصحابَه بالمدائن فكانوا ألفَ رجل، فقام فيهم خطيبًا وقال: إن الله كان يَنصُركم عليهم وأنتم مئة وهم ألوف، فسيروا وأبشِروا بالنصر.

وسار حتى نزل ساباط في ست مئة، وترك مع أخيه مصَادٍ أربع مئة بالمدائن، ووافى عَسْكرَ عَتَّاب بن وَرْقاء، فصفَ عَتَّاب عَسكره، وجعل على ميمنته محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس، وجعل عُبَيد بن الحُلَيس على مَيسرته، ووقف هو في القلب، ورتَّبهم ثلاثة صفوف: صفٌّ فيه الرجال معهم السيوف، وصف معهم الرِّماح، وصفٌّ معهم النَّبْل، ثم سار بين الصفوف يُحَرِّضهم ويُصَبِّرهم ويقول:

عليكم بهؤلاء كلاب أهل النار، وشرار خلق الله، أين القُصَّاص؟ فلم يُجبه أحد، فقال: كأني والله بكم قد فَرَرْتُم عن عتَّاب بن وَرْقاء، وتركتموه تسفي في اسْتِة الرِّيح، ثم عاد إلى القلب فوقف فيه، ومعهم زُهْرَة بن حَويّة، وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث.

وأقبل شبيب في ست مئة، وتخلَّف عنه أربع مئة فقال: لقد تَخلَّف عنا من لا أُحِبُّ أن يُرى فينا؛ فإنا ما نَغلِبُ النّاسَ بكثرة، ثم بعث سُويد بن سُلَيم في مئتين إلى الميسرة، والمُحلّل بن وائل في مئتين إلى الميمنة، ووقف هو في مئتين في القلب (٢)؛ وذلك فيما بين المغرب والعشاء حين أضاء القمر، فمشى شبيب بين الصُّفوف وصاح: أنا أبو المُدَلَّه، لا حُكمَ إلا لله، ثم حمل عليهم فانهزمت الميسرة، وقُتل شجعانها عُبَيد بن الحُلَيس وغيره، ثم حمل شبيب على الميمنة وعليها محمد بن عبد الرحمن فثبت، وهرب أبوه من القلب.


(١) كذا في النسخ، وهي قرية كبيرة تحت الدائن كما في معجم البلدان ٢/ ٩٥. وفي الطبري ٦/ ٢٦١؛ فخرج نحو الجبال.
(٢) في الطبري أنه بعث المحلِّل بن وائل في مئتين إلى القلب، ومضى هو في مئتين إلى الميمنة.