للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبد الملك، ولسِرتُ إليهم فجاهدتُهم، فقال له سُلَيم بن حُذَيفة المُزَنيّ: إنهم لا يبايعونك ولا تُبايعهم (١)؛ فأَخْفِ هذا الكلام ولا تظهره، وقال له الربيع بن يزيد الأسَدي مثل ذلك، وجثا مولاه يزيد بن أبي زياد، وكان صاحبَ شُرطته على ركبتيه، وقال له: والله إنه ما يخفى على الحجاج مما جرى بينك وبين القوم كلمة، وأهل المدائن من الجانبين قد تحدّثوا بذلك، ولو كنتَ في السحاب لطلبك الحجّاج، فاطلب النَّجاة من ساعتك هذه لنَفْسك، واتَّخذ غير المدائن دارًا، فإن في يومك هذا الحديثُ عند الحجاج، فقال للمُزَنيّ والأسدي: ما تقولان؟ قالا: هو كما قال، ولكنا معك نُواسيك بأنفسنا، ونقاتل الحجاج وغيره، وقال نَضر بن صالح كذلك.

فأرسل مطرف إلى أصحابه وقال: أدلجوا بنا الليلة لأمر حَدَث، فخرجوا معه فسار بهم حتى نزل الدَّسكَرة، ولما أراد أن يَرْتحل منها خطبهم وقال: إنني قد خلعتُ الحجاج وعبدَ الملك، ودخلت في حزب أهل الحق، وجهادِ الظالمين المُحلّين، فبايعوه على ذلك ما عدا سَبْرَة بن عبد الرحمن بن مِخْنَف وعبد الله بن كَنَّاز النَّهدي؛ فإنهما أجاباه وأظهرا الرضى بذلك، ثم خرجا في الليل فسارا إلى الكوفة، فشهدا مع الحجاج وَقعةَ شبيب.

وسار مُطَرّف إلى حُلْوان وعليها سُويد بن عبد الرحمن عامل الحجاج، فخاف من الحجاج، فجمع لمطرّف جَمْعًا وخرج يريده، وكان يكره قتاله.

وكان الحجَّاج بن جاريَة الخثعمي حين سمع بخروج مُطَرّف لحقه في ثلاثين من قومه إلى حُلوان، فشهد معه قتال سويد، وكان قد أقعد لهم الأكراد على ثَنيَّة حُلوان فحملوا على الأكراد فقتلوهم، وانهزم الباقون، ولما بلغوا من هَمذان حادوا عنها، وكره دخولها خوفًا على أخيه حمزة من الحجاج أن يتهمه به، وكتب إليه كتابًا يشكو قلَّة النَّفَقة ويقول: أَمِدَّ أخاك بما قَدَرتَ عليه.

وبعث بالكتاب مع يزيد بن أبي زياد مولى المغيرة الذي شهد مراسله الخوارج، فدخل على حمزة ليلًا بكتاب مُطَرِّف، فلمارآه قال له: ويحك، ثكلتك أُمّك أنت قتلت مطرفًا، فقال يزيد: إن مطرفًا قتل نفسه وقتلني، وليته لا يقتلك، فقال: مَن سوَّل له هذا


(١) في الطبري ٦/ ٢٨٨: سليمان بن حذيفة المزني: إنهم لن يُتابعوك وإنك لن تُتابعهم.